للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكسوف للشمس، آية من آيات الله عز وجل يخوف بها عباده، كما قال عز وجل: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا} [الإسراء: ٥٩] ، ولذلك أمر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بالدعاء عند ذلك، وسن له صلاة الكسوف.

فليس في معرفة وقت كون الكسوف بما ذكرناه من جهة النجوم وطريق الحساب ادعاء علم غيب ولا ضلالة وكفر على وجه من الوجوه، لكنه يكره الاشتغال به؛ لأنه مما لا يعني، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» .

وفي الإنذار به قبل أن يكون ضرر في الدين؛ لأن من سمعه من الجهال يظن أن ذلك من علم الغيب، وأن المنجمين يدركون علم الغيب من ناحية النظر في النجوم، فوجب أن يزجر عن ذلك قائله ويؤدب عليه كما قال؛ لأن ذلك من حبائل الشيطان، وقد روي: أن رجلا قال بالإسكندرية عند عمرو بن العاص: زعم حسطال هذه المدينة أنه يكسف بالقمر الليلة أو أن القمر ينكسف الليلة، فقال رجل: كذبوا هذا هو، علموا ما في الأرض فما علمهم بما في السماء؟ فقال عمرو بن العاص: إنما الغيب خمسة: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: ٣٤] وما سوى ذلك يعلمه قوم ويجهله آخرون.

وأما قوله فلان يقدم غدا فهو من التخرص في علم الغيوب والقضاء بالنجوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>