للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم، ثم اتفقوا على لقائهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي منهم عمرو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت نوفل بن عبد الله، فقدموا بالعير والأسرى، وقال لهم عبد الله بن جحش: اعزلوا مما غنمنا الخمس لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان أول خمس في الإسلام، ثم نزل القرآن: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] الآية، فأقر الله ورسوله فعل عبد الله بن جحش في ذلك ورضياه وسناه للأمة إلى يوم القيامة، فكانت هذه أول غنيمة في الإسلام وأول أسير أسر فيه، وعمر بن الحضرمي أول قتيل قتل فيه، وأنكر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قتله في الشهر الحرام، فسقط في أيدي القوم، فأنزل الله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: ٢١٧] الآيات إلى قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢١٨] ، فأخبر الله تعالى أن القتال في الشهر الحرام كبير، وأن الكفر بالله والصد عن سبيله وإخراج أهل المسجد الحرام من المسجد الحرام أكبر عند الله من ذلك، وذلك أن المشركين عيروا أصحاب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بالقتل في الشهر الحرام، فأخبر الله عز وجل أن الذي هم عليه من الكفر أشد وأكبر من القتل في الشهر الحرام، ثم أثنى على أصحاب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ} [الأنفال: ٧٢] إلى قوله: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: ٧٠] فدل ذلك على أنه قد غفر لهم.

وقد قيل: إن قتلهم لعمرو بن الحضرمي وقتالهم إنما كان في أول ليلة من رجب وآخر ليلة من جمادى، وغمد المسلمون سيوفهم حتى دخل رجب، فالله

<<  <  ج: ص:  >  >>