أعلم، وقبل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفداء في الأسيرين، فأما عثمان ابن عبد الله فمات بمكة كافرا وأما الحكم بن كيسان فأسلم وأقام مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى استشهد ببئر معونة، ورجع سعد وعتبة إلى المدينة سالمين.
وفيها صرفت القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة.
ولما دخل رمضان منها اتصل بالنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أن عيرا لقريش عظيمة فيها أموال لهم كثيرة مقبلة من الشام إلى مكة معها ثلاثة وأربعون رجلا من قريش رئيسهم أبو سفيان بن حرب، فندب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسلمين إلى تلك العير، وأمر من كان ظهره حاضرا بالخروج، ولم يحتفل لأنه أراد العير، ولم يعلم أنه يلقى حربا، فاتصل بأبي سفيان خروج النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فأرسل إلى أهل مكة مستصرخا لهم إلى نصر عيرهم، فخرج أكثر أهل مكة ولم يتخلف من أشرافهم إلا القليل، ولما أتى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الخبر بخروج نفير قريش لنصر العير، أخبر أصحابه بذلك واستشارهم فيما يعملون، فتكلم كثير من المهاجرين وتمادى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يريد ما يقول الأنصار، فبادر سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله، لو استعرضت هذا البحر لخضناه معك، فسر بنا يا رسول الله على بركة الله حيث شئت. فسر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله، وقال: سيروا وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفين. ولما قرب أبو سفيان من بدر تقدم وحده حتى أتى ماء بدر، فقال لمجدي: هل أحسست أحدا؟ قال: لا، إلا أن راكبين أناخا إلى هذا التل واستقيا الماء ونهضا، فأتى أبو سفيان مناخهما فأخذ من أبعار بعيرهما ففته، فإذا فيه النوى، فقال: هذه والله علائف يثرب، فرجع سريعا حذرا، فصرف العير عن طريقها، وأخذ طريق الساحل فنجا، وأوصى إلى قريش يخبرهم بأنه قد نجا هو والعير فارجعوا، فأتى أبو جهل، وقال: والله لا نرجع أو نرد ماء بدر ونقيم عليه ثلاثا فتهابنا العرب أبدا وسبق رسول الله