رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من القول ما هو مذكور في السير.
وفيها كانت غزوة أحد، وذلك أن كفار قريش غزته في شوال منها، وقد استمدوا بحلفائهم والأحابيش من بني كنانة، وخرجوا بنسائهم لئلا يفروا عنهن، وقصدوا المدينة فنزلوا قرب أحد على جبل على شفير الوادي بقناة مقابل المدينة، فرأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في منامه أن في سيفه ثلمة، وأن بقرا له تذبح، وأنه أدخل يده في درع حصينة، فتأولها أن نفرا من أصحابه يقتلون، وأن رجلا من أهل بيته يصاب، وأن الدرع الحصينة المدينة، وأشار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أصحابه ألا يخرجوا إليهم، وأن يتحصنوا بالمدينة، فإن قربوا منهم قوتلوا على أفواه الأزقة، ووافق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على هذا الرأي عبد الله بن أبي ابن سلول، وأبى كبراء الأنصار إلا الخروج إليهم ليكرم الله منهم من شاء بالشهادة، فلما رأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عزيمتهم دخل بيته فلبس لأمته وخرج، وذلك يوم الجمعة، وندم قوم من الذين ألحوا في الخروج، وقالوا: يا رسول الله إن شئت فارجع، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل» ، فخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ألف من أصحابه نحو أحد، وانصرف عنه عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس مغاضبا إذ خولف رأيه، حتى نزل الشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الخيل، فجعل ظهره إلى أحد وبنى الناس عن القتال حتى يأمرهم، وتعبأ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للقتال وهو في سبعمائة، فيهم خمسون فارسا، وكان رماة المسلمين خمسين، وقيل: إن المشركين كانوا في ثلاثة آلاف فيهم مائتا فارس، وظاهر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ بين درعين، وقاتل الناس قتالا شديدا ببصائر ثابتة، فانهزمت قريش واستمرت الهزيمة عليهم،