وفي شوال منها كانت غزوة الخندق وكان سببها أن اليهود اجتمعوا وألبوا وخرجوا إلى مكة فدعوا قريشا إلى حرب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ووعدوهم من أنفسهم بعون من انتدب إليهم، فأجابهم أهل مكة إلى ذلك، ثم خرج اليهود المذكورون وهم الذين حزبوا الأحزاب إلى غطفان، فدعوهم إلى ذلك فأجابوهم، فخرجت قريش يقودهم أبو سفيان، وخرجت غطفان وقائدهم عيينة بن حصن في فزارة والحارث بن عوف المري في بني مرة، ومسعود بن رخيلة الأشجعي في أشجع، فلما سمع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهم ضرب الخندق على المدينة، فأقبلت قريش ومن معها من هذه القبائل في نحو عشرة آلاف، وأقبلت غطفان بمن معها من أهل نجد حتى نزلوا إلى جانب أحد، وخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمسلمون حتى نزلوا بظهر سلع في ثلاثة آلاف، وضربوا عسكرهم والخندق بينهم وبين المشركين، فأقام بضعا وعشرين يوما، فلم يكن بينهم حرب إلا رمي بالنبل، وخرج عمرو بن عبد ود في أصحاب له، فدعا إلى المبارزة، فخرج علي فقتله، وهرب أصحابه واقتحموا الثغرة التي كانوا أجازوا الخندق فيها فرجعوا، وقتل من المسلمين يوم الخندق ستة نفر، منهم سعد بن معاذ أصابه سهم فمات بعد قريظة، وانصرفت الأحزاب عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكفى الله المؤمنين القتال.
وكان سبب ذلك أن نعيم بن مسعود قدم على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلم وقال: مرني بما شئت وما عسى أن تفعل وأنت رجل واحد، فلو ذهبت فخذلت بين القوم فإن