ولما انقضى شأن الخندق وقريظة تذاكرت الخزرج من في العداوة لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كابن الأشرف الذي قتله محمد بن مسلمة، حتى لا تنفرد الأوس دوننا بمثل تلك المنقبة، فذكروا ابن أبي الحقيق، واستأذنوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قتله، فأذن لهم، فخرجوا إليه خمسة نفر من الخزرج كلهم من بني سلمة، وهم عبد الله بن عتيك، وعبد الله بن أنس، ومسعود بن سنان، وأبو قتادة بن ربعي، وخزاعي بن أسود حليف لهم، وطرقوه في بيته بخيبر ليلا فقتلوه، وقدموا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو على المنبر، فقال: أفلحت الوجوه، فقالوا: أفلح وجه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «قال: أقتلتموه؟ قالوا: نعم، قال: ناولوني السيف، فسله فقال: أجل، هذا طعامه في ذباب السيف» .
وروي أنهم تداعوا في قتله، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هاتوا أسيافكم» ، فأروه إياها، فقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عن سيف عند عبد الله بن أنس:«هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام» ، وقد كانوا لما تعاوروه بأسيافهم صاحت امرأته، فخرج أهل الآطام وأوقدوا النيران، فخرجوا وهم لا يوقنون بموته، فرجع أحدهم فدخل بين الناس، فسمع امرأته تقول: والله لقد سمعت صوت ابن عتيك، ثم قلت: أنى بابن عتيك بهذه البلاد، قال: ثم إنها نظرت في وجهه، فقالت: فاض وإله يهود.