وسلم بالغابة وناقته العضبا، وكان فيها رجل من بني غفار وامرأة له، فقتلوا الغفاري وحملوا المرأة واللقاح، وكان أول من أنذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي، كان ناهضا إلى الغابة، فلما علا على ثنية الوداع نظر إلى خيل الكفار فصاح وأنذر المسلمين ثم نهض في آثارهم فأبلى بلاء عظيما ورماهم بالنبل حتى استنقذ أكثر ما في أيديهم، ووقعت الصحية بالمدينة، وجاء الناس إلى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
وأول من جاء منهم المقداد بن الأسود، ثم خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على فرس لأبي طلحة، وقال: إن وجدته لبحرا وانهزم المشركون، وبلغ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ماء يقال له ذو قرد، فأقام على ذلك الماء يوما وليلة، ولما قام القوم يوما وليلة قامت امرأة الغفاري المقتول، فجعلت لا تضع يدها على بعير إلا رغا حتى أتت العضبا، فإذا ناقة ذلول، فركبتها ونذرت إن أنجاها الله عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة عرفت ناقة النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فأخبر بذلك، فأرسل إليها فجيء بها والمرأة، فقالت: يا رسول الله، نذرت إن أنجاني الله عليها أن أنحرها، فقال لها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بئس ما جزيتها، لا وفاء في نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم» ، وأخذ ناقته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.