وفي شعبان من هذه السنة غزا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بني المصطلق، وأغار عليهم وهم غازون على ماء يقال له المريسيع من ناحية قديد بما يلي الساحل، فقتل من قتل وسبى النساء والذرية، وقد قيل: إنهم جمعوا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأرادوه، فلما بلغه ذلك خرج إليهم فلقيهم على ماء يقال له المريسيع، فاقتتلوا فهزمهم الله، والقول الأول أصح أنه أغار عليهم وهم غارون.
ومن ذلك السبي كانت جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد بني المصطلق، وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، فكاتبها فأدى عنها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتابتها وأعتقها وتزوجها، قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: وما رأيت أعظم بركة على قومها منها، ما هو إلا أن علم المسلمون أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوجها وأعتقوا كل ما في أيديهم من سبي المصطلق، وقالوا: أصهار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأسلم سائر بني المصطلق.
وفي هذه الغزاة قال عبد الله بن أبي ابن سلول: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. وَبَلَّغَ زيدُ بن أرقم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مقالة عبد الله بن أبي ابن سلول، فأنكرها ابن أبي، فأنزل الله عز وجل سورة المنافقين، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لزيد بن أرقم: «وفت أذنك يا