للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم إلى بني المصطلق بعد إسلامهم بأكثر من عامين - الوليد بن عقبة بن أبي معيط مصدقا لهم، فخرجوا ليتلقوه ففزع منهم وظن أنهم يريدونه بسوء، فرجع عنهم وأخبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنهم ارتدوا ومنعوا الزكاة وهموا بقتله، فتكلم المسلمون في غزوهم، فبينا هم كذلك إذ قدم وافدهم منكرا لرجوع مصدقهم عنهم دون أن يأخذ صدقاتهم وأنهم إنما خرجوا إليه مكرمين، فأكذبه الوليد بن عقبة، فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} [الحجرات: ٦] يعني الوليد بن عقبة، {فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: ٦] .

وفي هذا العام كانت غزوة الحديبية، خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذي القعدة منها معتمرا واستنفر الأعراب الذين حول المدينة، وخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن اتبعه من العرب وجميعهم نحو ألف وأربعمائة أو ألف وخمسمائة، وساق معه الهدي. وأحرم بعمرة ليعلم الناس أنه لم يخرج لحرب، فلما بلغ خروجه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قريشا خرج جميعهم صادين له عن المسجد الحرام ودخول مكة، وأنه إن قاتلهم قاتلوه دون ذلك، وقدموا خالد بن الوليد في خيل إلى كراع الغميم، فورد الخبر بذلك على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو بعسفان فسلك طريقا يخرج وراء ظهورهم فخرج إلى الحديبية من أسفل مكة، ولما وصل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الحديبية بركت ناقته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال الناس: خلأت، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما خلأت ولا هو لها بخلق،

<<  <  ج: ص:  >  >>