ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني اليوم قريش إلى خطة يسألوني فيها صلة رحم إلا أعطيتهم إياها» ، ونزل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هناك، وجرت السفراء بينه وبين كفار قريش، وطال التراجع بينهم إلى أن جاء سهيل بن عمرو العامري، فقاضاه على أن ينصرف عامه ذلك، فإذا كان من العام المقبل أتى معتمرا، ودخل مكة بلا سلاح إلا السيوف في قرابها، فيقيم بها ثلاثا ويخرج، وعلى أن يكون بينه وبينهم صلح عشرة أعوام يتداخل الناس فيها ويأمن بعضهم بعضا، وعلى أن من جاء من الكفار إلى المسلمين مسلما رد إليهم، ومن جاء من المسلمين إليهم مرتدا لم يرد إليهم، فشق ذلك على المسلمين، فقال لهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اصبروا فإن الله يجعل هذا الصلح سببا إلى ظهور دينه» ، فأنس الناس إلى قوله واطمأنت له نفوسهم وأبى سهيل بن عمرو أن يكتب في كتاب الصلح بذلك محمد رسول الله، وقال: لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، وقد كان علي بن أبي طالب كاتبه، فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «امحه، فقال: والله لا أمحو اسمك، فقال: أرني إياه، فأراه فمحاه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكتب محمد بن عبد الله» وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد بعث عثمان بن عفان قبل الصلح إلى مكة رسولا، فأخبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أهل مكة قتلوه، فدعا رسول إليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسلمين إلى المبايعة على قتال أهل مكة، قيل: على الموت، وقيل: على أن لا يفروا، وهي بيعة الرضوان تحت الشجرة التي قال الله فيها:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[الفتح: ١٨] ،