إلى قوله:{وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}[الفتح: ١٨] يريد فتح مكة {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا}[الفتح: ١٩] يريد ما غنموا بخيبر، وضرب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيمينه على شماله لعثمان، فهو من أهل بيعة الرضوان، وكان قد جاء من قريش نحو السبعين أو الثمانين للإيقاع بالمسلمين وانتهاز الفرصة في أطرافهم، والسفراء يمشون بينهم في الصلح، ففطن لهم المسلمين فخرجوا إليهم فأسروهم، وجاءوا بهم إلى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فأطلقهم النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فهم الذين يسمون العتقاء، وإليهم ينسب العتقيون.
ولما كمل الصلح بين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمسلمين، فنحروا وحلقوا، وقد كانوا توقفوا عن النحر والحلق إذ أمرهم به، فلما رأوه قد نحر وحلق تتابعوا في ذلك وتسابقوا إليه، ودعا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمحلقين ثلاثا وللمقصرين واحدة.
ولما رجع إلى المدينة رد بالشرط من جاء من الرجال مسلما، وأنزل الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ}[الممتحنة: ١٠] إلى آخر السورة، فلم يرد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جاء من النساء مسلمات، وقد بينا في أول سماع ابن القاسم من كتاب التجارة إلى أرض الحرب هذا المعنى بيانا شافيا، وبالله تعالى التوفيق.