ثم حدث الأمر الذي أوجب نقض العهد لقريش المعقود يوم الحديبية، وذلك أن خزاعة كانت في عقد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مؤمنها وكافرها، وكانت بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة في عقد قريش، فعدت بنو بكر بن عبد مناة على قوم من خزاعة خرج نوفل بن معاوية فيمن أطاعه من بني بكر بن عبد مناة حتى بيتت خزاعة ونالت منهم، واقتتلوا، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح وقوم منهم بأنفسهم مستخفين بذلك، فانهزمت خزاعة إلى الحرم، فقال قوم نوفل ابن معاوية لنوفل: يا نوفل اتق إلهك ولا تستحل الحرم ودع خزاعة، فقال: لا إله لي اليوم، والله يا بني كنانة إنكم لتسرفون في الحرم، أفلا تدركون فيه ثأركم؟ فقتلوا رجلا من خزاعة يقال له منبه، ودخلت خزاعة دور مكة في دار بديل ابن ورقاء الخزاعي ودار مولى لهم يقال له رافع، فكان ذلك نقضا للصلح، فقدم بديل بن ورقاء وقوم من خزاعة على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مستغيثين به فيما أصابهم به بنو بكر بن عبد مناة وقريش، فأجابهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى نصرهم، وقال:«لا نصرني الله إن لم أنصر بني كعب» ، ثم نظر إلى سحابة، فقال:«إنها لتستهل بنصر بني كعب» يعني خزاعة، وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبديل بن ورقاء ومن معه:«إن أبا سفيان سيأتي ليشد العقد ويزيد في مدة الصلح وينصرف بغير حاجة» ، وقدمت قريش على ما فعلت، فقدم أبو سفيان المدينة ليشد العقد ويزيد في المدة، ثم أتى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في المسجد وكلمه فلم يجبه، فسعى في أن يستشفع إلى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فيما قدم له بابنته أم المؤمنين أو أبى بكر أو بعمر بن الخطاب، فلم يجبه أحد منهم إلى ذلك، وقال له عمر: أنا أفعل ذلك؟