والله لو لم أجد إلا الدرة لجاهدتكم بها، وقال له علي بن أبي طالب هازلا به: أنت سيد بني كنانة، فقم فأجر على الناس والحق بأرضك، فقال له: يا أبا الحسن، أترى ذلك نافعي أو مغنيا عني؟ قال: ما أظن ذلك، ولكن لا أجد لك سواه، فقام أبو سفيان في المسجد، فقال: أيها الناس، إني قد أجرت على الناس، ثم ركب وانطلق راجعا إلى مكة، فلما قدمها أخبر قريشا بما لقي وبما فعل، فقالوا له: ما جئت بشيء وما زادك علي بن أبي طالب على أن لعب بك، ثم أعلن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسير إلى مكة وخرج في عشرة آلاف، وكان خروجه لعشر خلون من رمضان، وقد أخفى الله خبرهم عن قريش، فخرج أبو سفيان وبديل بن ورقاء وحكيم بن حزام يتحسسون الأخبار، وقد كان العباس بن عبد المطلب هاجر مسلما تلك الأيام، فلقي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذي الحليفة، فبعث ثقله إلى المدينة، وانصرف مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غازيا، فهو من المهاجرين قبل الفتح، ولما نزل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجيوش مر الظهران رقت نفس العباس لقريش وأسف على ذهابها وخاف أن تغشاهم الجيوش قبل أن يستأمنوا، فركب بغلة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونهض حتى أتى الأراك وهو يطمع أن يلقى حطابا واحدا يأتي مكة، فلينذرهم، فبينما هو يمشي إذ هو سمع صوت أبي سفيان بن حرب وبديل بن ورقاء، وهما يتساءلان، وقد رأيا نيران عسكر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فلما سمع العباس كلامه ناداه،: أبا حنظلة، فميز أبو سفيان كلامه فناداه: أبا الفضل، فقال: نعم، فقال: فداك أبي وأمي، فقال له العباس: ويحك يا أبا سفيان، هذا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الناس،