- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هلكت قريش، لا قريش بعد اليوم، إن سعد بن عبادة قال كذا وكذا، إنه حنق على قريش، ولا بد أن يستأصلهم، فأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تنزع الراية من يد سعد بن عبادة، وتدفع إلى علي، وقيل: بل إلى الزبير، وقيل: بل إلى ابنه قيس بن سعد لئلا يجد في نفسه سعد شيئا، وأمرهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتال من قاتلهم، وكان عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو وقد جمعوا جمعا بالحندمة ليقاتلوا فناوشهم أصحاب خالد، فأصيب من المسلمين رجلان، ومن المشركين ثلاثة عشر رجلا، ثم انهزموا، ولهذا قال من قال من أهل العلم: إن مكة افتتحت عنوة؛ إذ هذا هو حكم العنوة.
ولما دخل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة طاف بالكعبة وأخذ مفتاحها من عثمان بن طلحة، فدخلها وصلى فيها، ثم خرج ورد المفتاح إلى عثمان بن طلحة وأبقى له حجابة البيت، وقال: خذوها تالدة إلى يوم القيامة، وأمر - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بكسر الصور التي داخل الكعبة وخارجها وحولها، وكسر الأصنام التي حول الكعبة وبمكة كلها، وكانت الأصنام مشدودة بالرصاص، فكان يشير إليها بقضيب في يده، فكلما أشار إلى واحد منها خر لوجهه، وكان يقول:{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}[الإسراء: ٨١] ، وأذن له بلال على ظهر الكعبة، وخطب ثاني يوم الفتح خطبته المشهورة المعروفة، ثم بعث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السرايا حول الكعبة يدعو إلى الإسلام، ولم يأمرهم بقتال، وكان أحد أمراء تلك السرايا خالد بن الوليد، خرج إلى بني جذيمة فقتل