منهم وسبى، وقد كانوا أسلموا فلم يقبل خالد قولهم وإقرارهم بالإسلام، فوداهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبعث علي بن أبي طالب بمال إليهم فودى لهم جميع قتلاهم، ورد إليهم ما أخذ لهم، وقال لهم علي بن أبي طالب: انظروا إن فقدتم عقالا أديته، بهذا أمرني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وكان فتح مكة فيما قاله مالك في هذه الرواية في سبعة عشر يوما من رمضان، وقد قيل: إن فتحها كان لعشر بقين من رمضان، سنة ثمان من الهجرة كما ذكرناه.
وفي هذه السنة كانت غزوة حنين، وذلك أن هوازن لما بلغهم فتح مكة جمعهم مالك بن عوف النصري، فاجتمع إليه قومه من بني نصر وبنو جشم وبنو سعد وثقيف وطائفة من بني هلال بن عامر وحملت بنو جشم مع أنفسهم شيخهم وكبيرهم دريد بن الصمة، وهو يومئذ شيخ كبير لا ينتفع به في غير رأيه، فحملوه في هودج لضعف جسمه، وكانت الرياسة في جميع العسكر إلى مالك بن عوف النصري، فحشر الناس وساق مع الكفار أموالهم وماشيتهم ونساءهم وأولادهم، وزعم أن نفوسهم تُحْمَى بذلك وأن شوكتهم تشتد به، فنزلوا بأوطاس، فقال لهم دريد بن الصمة: ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير وثغاء الشاة؟ قالوا: ساق ذلك مالك مع الناس ليقاتلوا عنهم، فقال لهم دريد: راعي ضأن والله، وهل يرد المنهزم شيء يا مالك؟ إنه إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسلاحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك.
وأخبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما شاهد منهم فعزم