رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على قصدهم، واستعار من صفوان بن أمية دروعا، قيل: مائة، وقيل: أربعمائة، وخرج في اثني عشر ألفا من المسلمين، منهم عشرة آلاف صحبوه من المدينة، وألفان من مسلمة الفتح، إلى ما انضاف إليه من الأعراب من بني سليم وبني كلاب وغيرهم، واستعمل على مكة عتاب بن أسيد، ونهض - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أتى وادي حنين، وهو من أودية تهامة، وقد كانت هوازن قد كمنت في جنبتي الوادي، وذلك في غبش الصبح فحملت على المسلمين حملة رجل واحد، وثبت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وثبت معه أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأبو سفيان ابن الحارث وابنه جعفر بن أبي سفيان، وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على بغلته الشهباء، ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«يا أيها الناس إلى أين؟ أيها الناس أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله» وأمر العباس وكان جهير الصوت أن ينادي: يا معشر الأنصار، يا أصحاب الشجرة، يا معشر المهاجرين، يا آل الخزرج، كانت الدعوة أولا يا آل الأنصار، ثم خصصت آخرا بآل الخزرج؛ لأنهم كانوا أصبر عند القتال على ما ذكر، فلما ذهبوا ليرجعوا كان الرجل منهم لا يستطيع أن ينفذ بعيره لكثرة الأعراب المنهزمين فكان يلبس درعه، ويأخذ سيفه ومجنه ويقتحم عن بعيره ويكر راجعا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حتى إذا اجتمعوا حواليه مائة رجل أو نحوهم استقبلوا هوازن بالضرب، واشتد الحرب وكثر الطعن والجلاد، فقام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ركائبه، ونظر إلى مجتاد القوم، فقال: الآن قد حمي الوطيس، وضرب علي ابن أبي طالب