مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة، فقال لهم: لا خير في دين لا صلاة فيه، فكتب لهم كتابهم وأمر عليهم عثمان بن أبي العاص، وأمره أن يعلمهم القرآن وشرائع الإسلام، وأن يصلي بهم وأن يعذرهم بأضعفهم ولا يطول عليهم، ولا يتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا وبعث معهم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة لهدم الأوثان الطاغية وغيرها، فهدمها وأخذ مالها وحليها، وخرج نساء ثقيف حسرى يبكين اللات وينحن عليها.
وفي هذه السنة كانت حجة أبي بكر الصديق، وذلك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما انصرف من تبوك أراد الحج، ثم قال: إنه يحضر البيت غدا مشركون يطوفون بالبيت عراة، فلا أحب الحج حتى لا يكون ذلك، فأرسل أبا بكر ثم أردفه عليا لينبذ إلى كل ذي عهد عهده ويعهد إليهم ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ... إلى سائر ما أمره أن ينادي به في كل موطن من مواطن الحج، فأقام الحج في ذلك العام سنة تسع أبو بكر، ثم حج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قابل حجته التي لم يحج من المدينة غيرها، فوقعت حجة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في العام المقبل في ذي الحجة، فقال:«إن الزمان قد استدار
» الحديث، فثبت الحج في ذي الحجة إلى يوم القيامة، فلما كان يوم النحر في حجة أبي بكر قام عَلِيٌّ فأذن في الناس بالذي أمره به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «أيها الناس، إنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، وأجل الناس أربعة أشهر من يوم