أذن فيهم ليرجع كل قوم إلى مأمنهم وبلادهم ثم لا عهد لمشرك ولا ذمة إلا أحد كان له عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عهد إلى مدة» ، ثم قدما على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يحج بعد العام مشرك ولا طاف به عريان.
وفي هذه السنة وسنة عشر بعده، قدمت وفود العرب على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للدخول في الإسلام، وذلك أنه لما فتح الله على رسوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مكة وأظهره يوم حنين، وانصرف من تبوك، وأسلمت ثقيف أقبلت إليه وفود العرب من كل وجه يدخلون في دين الله أفواجا، وكل من قدم عليه قدم راغبا في الإسلام إلا عامر بن الطفيل وأربد بن قيس في وفد بني عامر وإلا مسيلمة في وفد بني حنيفة.
فإن عامر بن الطفيل وأربد بن قيس فإنهما قدما عليه في وفد عامر بن صعصعة، وقد أضمرا الفتك برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والغدر به، فكان عامر بن الطفيل قد قال لأربد: إني سأشغله بالكلام عنك، فإذا فعلت فاعله بالسيف، ثم جعل يسأله سؤال الأحمق ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول له:«لا أجيبك في شيء مما سألت عنه حتى تؤمن بالله ورسوله.» فأنزل الله على أربد البهتة والرعب فلم يرفع يدا، فلما يئس منه عامر، قال: يا محمد والله لأملأنها عليك رجالا، فلما وليا قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللهم اكفني عامر بن الطفيل وأربد بن قيس» ، فلما كان في بعض الطريق بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه