للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتى أبو بكر بيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكشف له عن وجهه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقبله وأيقن بموته، ثم خرج فوجد عمر يقول تلك المقالة، فقال له: اجلس، فأبى عمر، ثم قال له: اجلس، فأبى، فتنحى عنه وقام خطيبا، فانصرف الناس إليه وتركوا عمر، قال أبو بكر: أما بعد فمن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤] الآية، قال عمر: فلما سمعتها من أبي بكر عرفت ما وقعت فيه، وكأنني لم أسمعها قبل، ثم اجتمع المهاجرون والأنصار في سقيفة بني ساعدة فبايعوا أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثم بايعوه بيعة أخرى من الغد على ملأ منهم ورضا، فكشف الله به الكربة من أهل الردة، وقام به الدين، والحمد لله رب العالمين.

ولما أنزل الله على النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] علم أنه قد نعيت إليه نفسه، وسأل عُمَرٌ ابْنَ عباسٍ عن هذه السورة، فقال: يقول له: اعلم أنك ستموت عند ذلك، فقال له عمر: لله درك يا ابن عباس، إعجابا بقوله، وقد كان سأل عنها غيره من كبار الصحابة فلم يقولوا ذلك.

ولما دنت وفاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذه وجعه في بيت ميمونة، فخرج إلى أهل أحد، فصلى عليهم صلاته على الميت، وكان أول ما يشكو في علته الصداع، فيقول: وارأساه، ثم لما

<<  <  ج: ص:  >  >>