قال محمد بن رشد: أم الدرداء هي زوجة أبي الدرداء، ولذلك سئلت عما كان أكثر شأنه إذ هي بصحبتها له ليلا ونهارا أعلم بحاله، اسمها خيرة، وهي صحابية من خيار النساء وفضلائهن وعقلائهن: وذوات الرأي منهن مع العبادة والنسك، روت عن النبي عليه السلام وعن زوجها أبي الدرداء، وروى عنها جماعة من التابعين.
والتفكر من الأعمال كما قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وهو من أشرف الأعمال؛ لأنه من أعمال القلوب التي هي أشرف الجوارح، ألا ترى أنه لا يثاب أحد على عمل من أعمال الجوارح من الوضوء والصلاة والصيام والحج وسائر الطاعات إلا مع مشاركة القلوب لها بإخلاص النية لله عز وجل في فعلها، وقد قال سعيد بن المسيب في الصلاة فيما بين الظهر والعصر: ليست هذه عبادة، إنما العبادة الورع عما حرم الله، والتفكر في أمر الله، يريد أنها ليست بأشرف العبادات وإنما أشرفها وأكبرها وأقربها وسيلة إلى الله مع الورع عما حرم الله التفكر في أمر الله، وإنما قال ذلك؛ لأن الله أثنى على المتفكرين في آياته، وأمر بالاعتبار في مخلوقاته في غير ما آية من كتابه على وحدانيته وعظمته وقدرته من ذلك قوله عز وجل:{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}[الأعراف: ١٨٥] الآية: و {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}[الغاشية: ١٧]{وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ}[الغاشية: ١٨] الآية وقوله: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا}[ق: ٦] الآية وقوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ}[آل عمران: ١٩٠]