وقوله:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[البقرة: ١٦٤] وقوله: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ}[الواقعة: ٥٨] الآيات إلى آخرها وقوله: {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ}[الرعد: ٤] إلى قوله: {لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[الرعد: ٤] وما أشبه ذلك في القرآن كثير لا يحصى، فالاعتبار في آيات الله التي أمرنا بالاعتبار فيها والتفكر في أمرها والاستدلال بها على وحدانيته وعظمته وقدرته، واستشعار اليقين بما وعد به من أطاعه من الثواب وأوعد به لمن عصاه من أليم العذاب من أكبر العبادات والأعمال وأقربها وسيلة إلى الله عز وجل ذي العظمة والجلال.
وحكى يحيى بن يحيى عن البكاء وكان فاضلا، قال: كنت مع ابن شريح بالقيروان، فقلت: لأرمقن الليلة صلاته. فتبعته بعد صلاة العشاء فدخل بيته وتوسدت عتبته فرأيته دخل مسجده واستقبل القبلة وجلس كذلك، فسمعته حينا بعد حين يدعو كالمتفكر فيما جلس، فلم يزل كذلك شأنه حتى طلع الفجر، فقام فركع ركعتين ثم خرج إلى المسجد فرأيت يحيى يعجبه ذلك كثيرا ويقول: بالتفكر يستدل على حسن الأعمال، وبالله التوفيق.