للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راحلته، ومن لم يعقلها ولم يعها فلا أحل له أن يكذب علي، فسألته أنا فرد الحديث علي.

قال محمد بن رشد: قوله قد قدر لي أن أقولها، معناه قد قضى الله بذلك في سابق علمه، فهو إيمان منه بالقدر، خلاف ما يذهب إليه القدرية مجوس هذه الأمة. وإنما قال: ولعلها بين يدي أجلي أي قرب أجلي، لأن كعبا قال له: والله لا ينسلخ ذو الحجة حتى يرحل، حكى ذلك الداودي.

وقوله فرد الحديث علي، معناه فأعاده علي. والحديث محفوظ عن ابن شهاب من رواية مالك، حدث به عنه عن عبد الله بن عمر، عن ابن عباس أنه كان يقرئ ابن عوف، قال ولم أر أحدا يجد من القشعريرة عند القراءة ما يجد. قال: فجئته فالتمسته يوما فلم أجده، فانتظرته حتى جاء من عند عمر، فقال لي: لو رأيت رجلا قال لعمر كذا وكذا وهو يومئذ بمنى آخر حجة حجها عمر، قال لو قد مات عمر بايعت فلانا، فقال عمر إني لقائم العشية في الناس فأحذرهم هؤلاء الذين يغصبون هؤلاء الأئمة أمرهم، فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل ذلك يومك هذا، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك، فأخشى إن قلت فيهم [اليوم] مقالة أن يطيروا بها ولا يضعوها على مواضعها، أمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة وتخلص بعلماء الناس وأشرافهم وتقول ما قلت متمكنا فيعُوا مقالتك ولا يضعوها إلا على مواضعها، فقال عمر: والله لئن قدمت المدينة صالحا لأكلمن بها الناس في أول مقام أقومه. قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، وجاء يوم الجمعة فهجرت عمي لما أخبرني ابن عوف، فوجدت سعيد بن زيد قد سبقني بالتهجير فجلس إلى جانب المنبر،

<<  <  ج: ص:  >  >>