للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت لسعيد بن زيد وعمر مقبل: أما والله ليقولن أمير المؤمنين على هذا المنبر مقالة لم يقلها أحد قبله، فقال سعيد: وما عسى أن يقول؟ فلما جلس عمر على المنبر أذن المؤذن، فلما سكت قام عمر فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فإني قائل لكم مقالة قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعيها فلا أحل لأحد أن يكذب علي. إن الله عز وجل بعث محمدا وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها وعقلناها، ورجم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورجمنا بعده، وأخشى إن طال زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله عز وجل، فتترك فريضة أنزلها الله عز وجل، فإن الرجم حق في كتاب الله على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف. ثم إنا كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم، ثم إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تطروني كما أطري ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله» ثم إنه بلغني أن منكم من يقول والله لو قد مات عمر لبايعت فلانا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: كانت بيعة أبي بكر فلتة فإنها قد كانت فلتة كذلك، إلا أن الله قد وقى شرها وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، وإنه قد كان من خبرنا حين توفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا وتخلفت الأنصار عنا بأسرها واجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فبينا نحن في منزل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا برجل ينادي من وراء الجدار: اخرج إلي يا ابن الخطاب، فقلت إليك عني فأنا عنك متشاغل، فقال: قد حدث أمر لا بد منك فيه، إن الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فأدركوا من قبل أن يحدثوا أمرا يكون بينكم وبينهم فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>