للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم السبت حتى إذا أمسوا ليلة الأحد أخذه فاشتواه، فوجد الناس ريحه فجاءوه فسألوه عن ذلك فجحدهم، فلم يزالوا به حتى قال لهم: فإنه جلد حوت وجدناه. فلما كان يوم السبت الآخر فعل مثل ذلك، ولا أدري لعله قال ربط حوتين، فلما أمسى من ليلة الأحد أخذهما فاشتواهما فوجد الناس ريحيهما، فجاءوه فسألوه فقال لهم لو شئتم صنعتم كما أصنع، فقالوا له وما صنعت؟ فأخبرهم، ففعلوا مثل ما فعل، حتى كثر ذلك. وكانت لهم مدينة لها ربض يغلقونها عليهم، فأصابهم من المسخ ما أصابهم، فعدا إليهم جيرانهم ممن كان حولهم يطلبون منهم ما يطلب الناس، فوجدوا المدينة مغلقة عليهم، فنادوا فلم يجيبوهم، فتسوروا عليهم فإذا هم قردة، فجعل القرد يدنو ممن كان يعرفه قبل ذلك فيتمسح به.

قال محمد بن رشد: قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥] وقال: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} [الأعراف: ١٦٣] ، أي شارعة ظاهرة، {وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ} [الأعراف: ١٦٣] ، ابتلاء من الله عز وجل ليعلم من يطيعه ممن يعصيه، أي ليعلم وقوع الطاعة منهم والمعصية، إذ قد علم أنها ستقع منهم. والقرية قيل فيها إنها أيلة [مدينة] بيت المقدس بساحل البحر. وكان الله عز وجل قد حرم على اليهود صيد الحوت في يوم السبت ابتلاء لهم قبل عقوبته لهم بخطيئة كانت منهم. وقيل إنهم قالوا لموسى حين أمرهم بالجمعة وأخبرهم بفضلها،

<<  <  ج: ص:  >  >>