كيف تأمرنا بالجمعة وتفضلها على سائر الأيام والسبت أفضل الأيام كلها؛ لأن الله تبارك وتعالى خلق السماوات والأرض والأقوات في ستة أيام، وسبت له كل شيء مطيعا يوم السبت، فقال عز وجل لموسى: دعهم وما اختاروه لا يصيدوا فيه سمكا ولا غيره ولا يفعلون فيه شيئا، فكانت الحيتان تأتيهم فيه شارعة ظاهرة كما قال عز وجل وتغيب عنهم في سائر الأيام فلا يصلون إليها إلا بالاصطياد والعناء. وفي تعديهم في السبت غير قول: قيل إنهم كانوا يسدون عليها المسالك يوم السبت ويأخذونها في سائر الأيام ويقولون لا نفعل الاصطياد الذي نهينا عنه يوم السبت، وإنما نفعله في غيره، وقيل إن سفهاءهم عدوا فاصطادوا فيه وملحوا وباعوا ولم تنزل بهم عقوبة، فاستشروا وقالوا إنا نرى السبت قد حل وذهبت حرمته، وإنما كان يعاقب به آباؤنا في زمن موسى، ثم استسن الأبناء بسنة الآباء وكانوا يخافون العقوبة ولو كانوا فعلوا لم يضرهم شيء، فعملوا بذلك سنين حتى أثروا منه وتزوجوا النساء واتخذوا الأموال، فوعظتهم طوائف من صالحيهم وحذروهم عقاب الله عز وجل على ذلك، فقالوا: قد عملنا ذلك سنين فما زاد الله إلا خيرا، ولئن أطعتمونا لتفعلن كما فعلنا، إنما حرم هذا على من قبلنا، فقالوا ويلكم لا تغتروا ولا تأمنوا بأس الله، وهذه معذرة إلى ربكم، إما أن تنتهوا فتكون لنا أجرا، أو تهلكوا فننجوا من معصيتكم. قال الله عز وجل:{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ}[الأنعام: ٤٤] أي تركوا، {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ}[الأعراف: ١٦٥] وهو مسخهم قردة. قال الله عز وجل:{فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}[البقرة: ٦٥]{فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة: ٦٦] .