الكافر ورجوعه إلى الإسلام، وما ذكر الله عز وجل في كتابه:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨] ، وذكرنا ذنوب أهل الإسلام فقال: إني لأرجو أن يكون أهل الإسلام أفضل حالا في هذا من أهل الكفر، ولقد بلغني أنه يقال إن توبة المسلم كالإسلام بعد الإسلام.
قال محمد بن رشد: المعنى في قول عبد الرحمن بن خالد إني لأرجو أن يكون أهل الإسلام أفضل حالا في هذا من أهل الكفر بين، لأن الكافر يغفر له بإسلامه ما سلف من آثامه، فيكون كمن ولد حينئذ لا حسنة له ولا سيئة عليه، والمؤمن إذا تاب تغفر له ذنوبه التي سلفت وآثامه، وتبقى له حسناته. وإنما قال أرجو ذلك ولم يطلق القول بأنه أفضل منه دون أن يقيده بالشك والرجاء من أجل أن من الذنوب ما لا تكفرها التوبة، وهي ما كان منها يتعلق به حق بمخلوق، لأن الظلامات لا تصح التوبة منها إلا بردها إلى أربابها أو تحللهم منها، فلا يدري التائب إذا كانت عليه ظلامات هل تفي بها حسناته أم لا، فإن وفت بها دون زيادة ولا نقصان كانت حاله في توبته كحال الكافر في إسلامه، وإن وفت بها وزادت عليها كانت حاله أفضل من حال الكافر في إسلامه، وإن لم تف بها كانت حال الكافر في إسلامه أفضل من حاله، لأن الكافر إذا أسلم يسقط عنه بإسلامه جميع الآثام والتباعات، ويحتمل أن يكون إنما علق ذلك بالرجاء ولم يطلق القول بأن حال المسلم إذا تاب أفضل من حال الكافر إذا أسلم من أجل أنه قيل إن قبول الله عز وجل لتوبة التائب من عباده لا يقطع بها في حق كل تائب، لاحتمال أن لا يكون قول الله عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}[الشورى: ٢٥] عاما في كل تائب، ويكون معناه فيمن سبق له من الله أنه يقبل توبته. وعلى هذا ينبغي للعبد إذا تاب أن يرغب