إلى الله عز وجل في قبول توبته. والذي عليه الجمهور أن الآية على عمومها في قبول الله عز وجل توبة كل تائب، وكذا سائر الآيات الواردة في هذا محمولة على عمومها في حق كل تائب، منها قول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}[التحريم: ٨] ، وعسى من الله عز وجل واجبة، قال الله عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}[الشورى: ٢٥] . والتوبة النصوح هي أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه، قاله عمر بن الخطاب. وقد روي عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«الندم توبة» وأنه قال: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» . وروي عن الشعبي أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ثم تلا هذه الآية:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة: ٢٢٢] . فإذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب، فإذا تاب الرجل من الذنب فإن ندم عليه ونوى ألا يعود إليه بنية صحيحة ثم لم يعد إليه كان قد تاب توبة نصوحا، فاستوجب بذلك ما وعده الله به من الغفران وإدخال الجنة. وإذا تاب من الذنب بأن ندم عليه ونوى بنية صحيحة أن لا يعود إليه غفر له ذنبه الذي تاب منه، فإن عاد إليه لم تكن توبة نصوحا، فحصل له بذلك الوعد بتكفير إثم الذنب الذي تاب منه، ولم يحصل له الوعد منه تعالى بدخول الجنة وكان في المشيئة، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه.
وقد روي عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«من استغفر من ذنبه غفر الله له ما لم يعد إليه» ومعنى هذا، والله أعلم، إذا استغفر الله منه ولم يتب منه بالندم عليه والعزم على ألا يعود إليه، وبالله التوفيق.