الشجرة أتؤمنون؟ قالوا: نعم فدعاها النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأقبلت. قال ابن مسعود: فلقد رأيتها تجر أغصانها، فقال لها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم أشهد أنك رسول الله. قال أصبغ: وأنا أشهد أنه رسول الله. قال وأعطاهم النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عظما وروثة، قال حسبته قال زادا. قال وليس عظم يأخذونه إلا كان كهيئته يوم كان ولا روثة إلا كانت ثمرة كهيئتها التي عليها بحالها.» قال أصبغ: نهي عن الاستنجاء بهما [فيما بلغني] من أجل ذلك فيما نرى.
قال محمد بن رشد: استدلال ابن القاسم على ما ذكره من أن للجن الثواب والعقاب بما تلاه من قول الله عز وجل: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ}[الجن: ١٤] إلى قوله {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}[الجن: ١٥] استدلال صحيح بين لا إشكال فيه، بل هو نص جلي في ذلك. والقاسطون في هذه الآية هم الجائرون عن الهدى والمشركون، بدليل قوله:{وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ}[الجن: ١٤] ، ففي الجن مسلمون، ويهود، ونصارى، ومجوس، وعبدة أوثان، قاله بعض أهل التفسير في تفسير قوله:{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ}[الجن: ١١] قال يريد المؤمنين، {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ}[الجن: ١١] قال يريد غير المؤمنين. وقَوْله تَعَالَى:{كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}[الجن: ١١] أي مختلفين في الكفر يهود ونصارى ومجوس وعبدة أوثان.
وقول أصبغ: نهي عن الاستنجاء بهما فيما بلغني من أجل ذلك فيما نرى، هو مذكور في بعض الآثار أنهم لما سألوا النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زادا فأعطاهم العظم والروث قالوا له: إن أمتكم تنجسهما علينا بالاستنجاء،