قال سأنهى أمتي عن الاستنجاء بهما، فنهى عن ذلك. وقد روي أن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن الاستنجاء بالعظم والجلد والبعرة والروثة والحممة، فكره من ذلك مالك في رسم سن من سماع ابن القاسم في كتاب الوضوء العظم والروث، وخفف العظم في رواية أشهب عنه من الكتاب المذكور، وخفف الروث في المجموعة. قال ابن حبيب: واتباع النهي في تجنب ذلك كله أحب إلي.
وقد اختلف فيمن استنجى بشيء مما نهي عن الاستنجاء به، فقيل: إنه لا إعادة عليه، وهو قول ابن حبيب؛ وقيل: إنه يعيد في الوقت، والوقت في ذلك وقت الصلاة المفروضة، وروي ذلك عن أصبغ، وكذلك عنده من استنجى بعود أو خزف أو خرق.
وجه القول الأول أن الاستنجاء إنما هو لعلة إزالة الأذى عن المخرجين، فإذا زال الأذى بما عدا الأحجار ارتفع الحكم كما لو زال بالأحجار. ووجه القول الثاني أن إزالة الأذى عن المخرجين مخصوص بالأحجار، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أوَلا يجد أحدكم ثلاثة أحجار» ، فلا يجزئ فيه ما عداها إلا الماء، لقوله: الماء أطيب وأطهر. ومما أجمعوا عليه أنه لا يجوز الاستنجاء بكل ما له حرمة من الأطعمة، وكل ما فيه رطوبة من النجاسة؛ فإن استنجى بشيء مما له حرمة أعاد في الوقت عند أصبغ، وإن استنجى بما فيه رطوبة من النجاسات أعاد في الوقت قولا واحدا، وبالله التوفيق.