بدخوله بأسا، وإن كان يدخله مع من لا يبالي لم أر أن تدخله وإن كنت متحفظا في نفسك. قال أصبغ: أدركت ابن وهب يدخله مع العامة، ثم ترك ذلك، ثم كان يدخله مخليا.
قال محمد بن رشد: أما دخول الرجل الحمام إذا كان خاليا فلا كراهة فيه، وأما دخوله مستترا مع مستترين فقال في الرواية لا بأس بذلك أي لا حرج عليه في ذلك، وتركه أحسن. فقد قال مالك في رسم الوضوء والجهاد من سماع أشهب وقد سئل عن الغسل من الماء السخن من الحمام فقال: والله ما دخول الحمام بصواب، فكيف يغسل بذلك الماء. ووجه الكراهة في ذلك وإن دخله مستترا مع مستترين مخافة أن يطلع على عورة أحد بغير ظن، إذ لا يكاد يسلم من ذلك من دخله مع عامة الناس. وأما دخوله غير مستتر أو مع من لا يستتر فلا يحل ذلك ولا يجوز؛ لأن ستر العورة فرض، ومن فعل ذلك كان جرحة فيه. والنساء في هذا بمنزلة الرجال، هذا هو الذي يوجبه النظر؛ لأن المرأة يجوز لها أن تنظر من المرأة ما يجوز للرجل أن ينظره من الرجل، بدليل ما روي عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية أبي سعيد الخدري أنه قال:«لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب» . وما روي أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يفضي رجل إلى رجل ولا امرأة إلى امرأة،» خرج الحديثين أبو داود، فجعل- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حكم المرأة مع المرأة فيما يجوز لها أن تنظر إليه منها كحكم الرجل مع الرجل فيما يجوز له أن ينظر إليه منه.