للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجمع أهل العلم فيما علمت على أن النساء يغسلن المرأة الميتة كما يغسل الرجال الرجل الميت، ولم يختلفوا في ذلك كما اختلفوا في غسل النساء ذوي محارمهن من الرجال، وفى غسل الرجل ذوات محارمه من النساء، حسبما ذكرناه في رسم الجنائز والصيد والذبائح من سماع أشهب من كتاب الجنائز. وقال ابن أبي زيد في الرسالة ولا تدخل المرأة الحمام إلا من علة. وقال عبد الوهاب في شرحها: هذا لما روي أن الحمام محرم على النساء، فلم يجز لهن دخوله إلا من عذر؛ لأن المرأة ليست كالرجل؛ لأن جميع بدنها عورة، ولا يجوز لها أن تظهر لرجل ولا امرأة، والحمام يجتمع فيه النساء ولا يمكن الواحدة أن تخليه لنفسها في العادة، فكره لها ذلك إلا من عذر. هذا نص قول عبد الوهاب، وفيه نظر. أما ما ذكره من أن الحمام محرم على النساء فلا أعلمه نصا عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإن كان ذلك من قول أحد من العلماء فمعناه في دخولهن إياه على ما جرت به عادتهن من دخولهن إياه غير مستترات. وأما ما قاله من أن بدن المرأة عورة لا يجوز أن يراه رجل ولا امرأة فليس بصحيح، إنما هو عورة على الرجل لا على المرأة، بدليل ما ذكرناه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وما روي من أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح: إنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين قبلك يدخلن الحمام مع نساء المشركين، فانه عن ذلك أشد النهي، فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن يرى عورتها غير أهل دينها، وما أجمع عليه العلماء من أن النساء يغسلن النساء كما يغسل الرجال الرجال. وإنما قال ابن أبي زيد إن المرأة لا تدخل الحمام إلا من علة لما جاء عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: «إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات فلا يدخلها الرجال إلا بالأزر وامنعوا منها النساء إلا مريضة أو نفساء» .

<<  <  ج: ص:  >  >>