للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومفرق بين إيمان وعمل» . قلت فهل كان مالك يقول لا تكفروا أهل التوحيد بذنب، ولا تشركوهم؟ قال: نعم.

قال محمد بن رشد: لما سأله عن الإيمان هل هو قول وعمل أو قول بلا عمل فقال بل قول وعمل، أوجب أن الإيمان لا يكون إلا بالقول مع العمل، وأنه لا يكون بالقول وحده إذا تجرد عن العمل، وهو صحيح؛ لأن العمل ينقسم على قسمين: أحدهما عمل القلب، والثاني عمل الجوارح. فأما عمل القلب فإنه شرط في صحة الإيمان؛ لأن الإيمان هو التصديق الحاصل في القلب بأن الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله. فمن قال بلسانه لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولم يعتقد تصديق ذلك بقلبه فليس بمؤمن. وأما أعمال الأبدان من الوضوء والصلاة وسائر الطاعات، فإنها ليست بشرط في صحة الإيمان، وإنما الإيمان، هو شرط في صحتها إذا وجبت عليه بدخول وقتها؛ لأن الرجل إذا أسلم وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له واعتقد تصديق ذلك بقلبه، فهو مؤمن كامل الإيمان بإجماع من أهل العلم إن مات بفور ذلك قبل أن تجب عليه الصلاة بدخول وقتها كان من أهل الجنة، وإن لم يمت حتى وجبت عليه الصلاة بدخول وقتها لم تصح له الصلاة إلا بمقارنة الإيمان لها الذي هو شرط في صحتها كما ذكرناه. هذا ما لا اختلاف فيه ولا امتراء في صحته. وإن ترك الصلاة فلم يصلها بسهو أو نوم أو غفلة أو نسيان لم يقدح ذلك في صحة إيمانه، وكذلك إن تركها عمدا وهو مقر بفرضها ووجوبها لم يقدح ذلك أيضا في صحة إيمانه إلا أنه آثم عاص لله عز وجل، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد في

<<  <  ج: ص:  >  >>