اليوم والليلة فمن جاء بهن لم يضيع شيئا منهن استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة» بيانا لما في كتاب الله عز وجل من قوله:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨] . فقول مالك إن الإيمان لا يكون إلا بقول مع العمل، معناه مع عمل القلب وهو التصديق، لا مع عمل الأبدان على ما بيناه. فقول من قال من أهل السنة إن الإيمان قول باللسان وإخلاص بالقلب وعمل بالجوارح، معناه أن هذا هو الإيمان الكامل الذي يكون العبد به مؤمنا في الظاهر والباطن؛ لأنه مؤمن عند الله في الباطن بما يعلمه من إخلاص قلبه، وهو مؤمن عندنا في الظاهر بما نسمعه من شهادته ونراه من صلاته؛ لأن ما نسمعه من شهادته ونراه من صلاته ليس بإيمان، وإنما هو دليل على الإيمان، فيحكم له بحكمه بما ظهر إلينا من قوله وفعله. ولو قال أنا مؤمن وأبى أن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، أو قال لا إله إلا الله محمد رسول الله وأبى أن يصلي، لم نصدقه في أنه مؤمن واستتبناه، فإن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وصلى، وإلا قتلناه. ولما كانت الشهادة والصلاة لا تكون واحدة منهما طاعة وقربة إلا مع مقارنة الإيمان لها الذي هو التصديق الحاصل في القلب، جاز أن يسمى كل واحد منهما إيمانا. قال الله عز وجل:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة: ١٤٣] أي صلاتكم إلى بيت المقدس؛ لأنها كانت بالإيمان الذي هو شرط في صحتها.
وقوله في الحديث: «فرقتان من أمتي في النار مكذب بقدر الله ومفرق