حقها فاسد كله. وإن عرف منه منع الزكاة رأيت للمشتري الرد؛ لأني لا أطيب له الحبس، فإذا لم أطيب له الحبس جعلت له الرد.
قال محمد بن رشد: قول أصبغ هذا إن مال الذي لا يؤدي زكاة ماله فاسد كله لا يجوز أن يؤكل منه شيء ولا يشرب، وما لا يؤكل ولا يشرب لا يجوز أن يباع ولا يشترى، وإن من عامله فيه يتصدق بجميعه، هو على قياس قوله المعلوم من مذهبه الذي ذكرناه عنه في سماع عبد الملك بن الحسن من أن المال الذي خالطه الحرام حرام كله، تجب الصدقة بجميعه، ويجب على من أخذ منه شيئا بمعاملة أن يتصدق بما أخذ، وهو تشديد على غير قياس. والقياس أنه لا يلزمه أن يتصدق منه إلا بمقدار الحرام، وأن معاملته فيه جائزة، وهو مذهب ابن القاسم. وكذلك قبول هبته يجوز على مذهبه إذا كان الحلال من ماله أكثر من الذي وهب منه.
ووجه قول أصبغ أن ماله كله إذا لم يؤد زكاته فاسد لا يجوز أن يؤكل منه شيء ولا يشرب، يريد لا هو ولا غيره، هو أنه لما كانت الزكاة الواجبة للمساكين شائعة فيه قد عزم على اقتطاعها وغصبهم إياها كان إذا أكل منه قليلا أو كثيرا قد أكل حقه وحقهم، فحرم ذلك عليه، بخلاف إذا أكل منه شيئا قبل أن يؤدي زكاته وهو ينوي أداءها مما بقي؛ لأن هذا إنما يكون عليه إثم تأخير الزكاة لا أكثر. وكذلك إذا وهب لأحد منه شيئا قبل أن يؤدي زكاته وهو عازم على اقتطاعها لا يسوغ على مذهبه لمن علم ذلك أن يقبله؛ لأنه يكون قد أخذ فيما وهب له ما فيه حظ للمساكين، بخلاف إذا وهب لأحد منه شيئا قبل أن يؤدي زكاته وهو ينوي أداءها مما بقي؛ لأن هذا يسوغ للموهوب له أن يقبله ويكون على الواهب إثم تأخير الزكاة لا أكثر.
وأما قول أصبغ إن من أخذ منه شيئا بمعاملة أو هبة يجب عليه أن يتصدق بجميعه فلا وجه له؛ لأن الواجب عليه في ذلك إنما هو أن يتصدق على المساكين بما وجب لهم منه، وهو ربع عشره. وقد مضى بيان هذا في سماع