أصبغ في تكلمنا على ما جاء عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أن ثمن المغنيات حرام. وقد مضى في سماع عبد الملك بن الحسن القول فيما احتج به من قوله عز وجل:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[الأنعام: ١٤١] فلا وجه لإعادته.
وقوله في الحديث الذي احتج به من قوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا وضوء لمن لا صلاة له» بين لا إشكال فيه؛ لأن الوضوء إنما يفعل للصلاة أو لما لا يصح فعله إلا بطهارة، فإذا لم يفعل ما يفعل الوضوء من أجله لم ينتفع بالوضوء. وأما قوله:«لا صلاة لمن لا زكاة له» فمعناه أنه لا ينوب فعل الصلاة عن فعل الزكاة، أي لا يكفر فعل الصلاة ترك الزكاة، فتكون الصلاة إذا لم يزك صلاة توجب له الدخول في الجنة، كما توجب لمن صلى وزكى، أو لمن صلى ولم تجب عليه زكاة. ومساواته في الرواية بين المتعدي في أخذها وحبسها بين؛ لأن حابسها آخذ لها ومتعد في ذلك، فهو كالمتعدي في أخذها ممن لا تجب عليه.
وقوله في آخر المسألة: وإن عرف منه منع الزكاة رأيت للمشتري الرد؛ لأني لا أطيب له الحبس، فإذا لم أطيب له الحبس رأيت له الرد، صحيح على أصله في أن من لم يؤد زكاة ماله لا تجوز معاملته ويجب على من عامله الصدقة بجميع ما أخذه منه. فسواء على مذهبه ابتاع منه الطعام الذي لم يؤد زكاته أو باع منه شيئا بدنانير لم يؤد زكاتها له الرد في الوجهين جميعا. وقد قيل: ليس له أن يرد في الوجهين جميعا، وهو الذي يأتي على قول غير ابن القاسم في المدونة في الذي يبيع الثمرة بعد أن وجبت فيها الزكاة فيجدها المصدق في يد المشتري، أنه لا سبيل له عليها وإن كان البائع عديما، وقيل: إن ذلك له في الطعام الذي ابتاعه، وليس ذلك له فيما باع منه بدنانير، وهو الذي يأتي على مذهب من لا يجيز بيع الثمرة بعد وجوب الزكاة فيها بالطياب، ولا بيع الزرع بعد وجوب الزكاة فيه بالإفراك لوجوب الزكاة] ، في عين الثمرة