للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه أسيافهم فلم تغن شيئا. قال محمد بن مسلمة فذكرت مغولا في سيفي فأخذته وقد صاح عدو الله صيحة لم يبق حولنا حصن إلاّ أو قدت عليه نار، قال فوضعته في ثنته ثم تحاملت عليه حتى بلغت عانته فوقع عدوّ الله وقد أصيب الحارث بن أوس يجرح في رجله أو في رأسه اصابه بعض سيوفنا، قال فخرجنا حتى سلكنا على بنى أمية بن زيد ثم على بنى قريظة ثم على بعاث حتى أسندنا في حرة العريض وقد أبطأ علينا صاحبنا الحارث بن أوس ونزفه الدم فوقفنا له ساعة ثم أتانا يتبع آثارنا فاحتملناه فجئنا به رسول الله آخر الليل وهو قائم يصلى فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل عدوّ الله وتفل رسول الله على جرح صاحبنا ورجعنا الى أهلنا فأصبحنا وقد خافت يهود بوقعتنا بعدو الله فليس بها يهودي إلا وهو خائف على نفسه. قال ابن جرير: وزعم الواقدي أنهم جاءوا برأس كعب بن الأشرف الى رسول الله . قال ابن إسحاق: وفي ذلك يقول كعب بن مالك:

فغودر منهم كعب صريعا … فذلت بعد مصرعه النضير

على الكفين ثم وقد علته … بأيدينا مشهرة ذكور

بأمر محمد إذ دس ليلا … الى كعب أخا كعب يسير

فماكره فأنزله بمكر … ومحمود أخو ثقة جسور

قال ابن هشام: وهذه الأبيات في قصيدة له في يوم بنى النضير ستأتي. قلت: كان قتل كعب ابن الأشرف على يدي الأوس بعد وقعة بدر، ثم ان الخزرج قتلوا أبا رافع بن أبى الحقيق بعد وقعة أحد كما سيأتي بيانه ان شاء الله وبه الثقة. وقد أورد ابن إسحاق شعر حسان بن ثابت:

لله درّ عصابة لاقيتهم … يا ابن الحقيق وأنت يا ابن الأشرف

يسرون بالبيض الخفاف إليكم … مرحا كأسد في عرين مغرف

حتى أتوكم في محل بلادكم … فسقوكم حتفا ببيض ذفف

مستبصرين لنصر دين نبيهم … مستصغرين لكل أمر مجحف

قال محمد بن إسحاق: وقال رسول الله «من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه» فوثب عند ذلك محيصة بن مسعود الأوسي على ابن سنينة - رجل من تجار يهود كان يلابسهم ويبايعهم - فقتله، وكان أخوه حويصة بن مسعود أسن منه ولم يسلم بعد، فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول: أي عدوّ الله أقتلته؟ أما والله لرب شحم في بطنك من ماله. قال محيصة: فقلت والله لقد أمرنى بقتله من لو أمرنى بقتلك لضربت عنقك، قال فو الله إن كان لأول إسلام حويصة وقال والله لو أمرك محمد بقتلى لتقتلني؟ قال: نعم، والله لو أمرنى بضرب عنقك لضربتها. قال: فو الله ان دينا بلغ بك هذا لعجب، فأسلم حويصة. قال ابن إسحاق: حدثني بهذا الحديث مولى لبني

<<  <  ج: ص:  >  >>