من الحفر التي عملها أبو عامر ليقع فيها المسلمون فأخذ على بن أبى طالب بيده ورفعه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائما ومص مالك بن سنان أبو أبى سعيد الدم من وجه رسول الله ﷺ ثم ازدرده فقال من مس دمه دمي لم تمسه النار قلت
وذكر قتادة أن رسول الله ﷺ لما وقع لشقه أغمى عليه فمر به سالم مولى أبى حذيفة فأجلسه ومسح الدم عن وجهه فأفاق وهو يقول كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم الى الله فأنزل الله ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ الآية رواه ابن جرير وهو مرسل وسيأتي بسط هذا في فصل وحده قلت: كان أول النهار للمسلمين على الكفار كما قال الله تعالى ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ * إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ﴾ الآية
قال الامام أحمد حدثنا [عبد الله حدثني أبى حدثني] سليمان بن داود أخبرنا عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه عن عبيد الله عن ابن عباس أنه قال:
ما نصر الله في موطن كما نصر يوم أحد قال فأنكرنا ذلك فقال بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله ان الله يقول في يوم أحد ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ يقول ابن عباس والحسّ القتل ﴿حَتّى إِذا فَشِلْتُمْ﴾ الى قوله ﴿وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ وانما عنى بهذا الرماة وذلك أن النبي ﷺ أقامهم في موضع ثم قال احموا ظهورنا فان رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وان رأيتمونا نغنم فلا تشركونا. فلما غنم النبي ﷺ وأباحوا عسكر المشركين أكب الرماة جميعا فدخلوا في العسكر ينهبون وقد التقت صفوف أصحاب رسول الله ﷺ فهم هكذا (وشبك بين أصابع يديه) والتبسوا فلما أخلّ الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي ﷺ فضرب بعضهم بعضا فالتبسوا وقتل من المسلمين ناس كثير وقد كان لرسول الله وأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة وجال المسلمون جولة نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار انما كان تحت المهراس، وصاح الشيطان: قتل محمد! فلم يشك فيه أنه حق، فما زلنا كذلك ما نشك أنه حق حتى طلع رسول الله ﷺ بين السعدين نعرفه بتكفّيه إذا مشى قال ففرحنا كأنه لم يصبنا ما أصابنا قال فرقى نحونا وهو يقول اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسول الله. ويقول مرة أخرى اللهمّ انه ليس لهم أن يعلونا حتى انتهى إلينا فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل: أعل هبل أعل هبل، مرتين (يعنى آلهته)، أين ابن ابى كبشة أين ابن ابى قحافة أين ابن الخطاب؟ فقال عمر بن الخطاب ألا أجيبه؟ قال بلى قال فلما قال أعل هبل قال: الله أعلى وأجل. فقال أبو سفيان يا ابن الخطاب قد أنعمت