أَخَاهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِهَا الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: الْقَهَا فَأَرْجِعْهَا لَا تَرَى مَا بِأَخِيهَا فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّهْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَرْجِعِي. قَالَتْ وَلِمَ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ مُثِّلَ بِأَخِي وَذَلِكَ فِي اللَّهِ فَمَا أَرْضَانَا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لَأَحْتَسِبَنَّ وَلَأَصْبِرَنَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمَّا جَاءَ الزُّبَيْرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ خَلِّ سَبِيلَهَا، فَأَتَتْهُ فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ وَاسْتَرْجَعَتْ وَاسْتَغْفَرَتْ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدُفِنَ وَدُفِنَ مَعَهُ ابْنُ أُخْتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَأُمُّهُ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ قَدْ مثل به غير انه لم ينقر عَنْ كَبِدِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. قَالَ السُّهَيْلِيُّ:
وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْمُجَدَّعُ فِي اللَّهِ قَالَ وَذَكَرَ سَعْدٌ أَنَّهُ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جحش دعيا بِدَعْوَةٍ فَاسْتُجِيبَتْ لَهُمَا فَدَعَا سَعْدٌ أَنْ يَلْقَى فَارِسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَيَقْتُلَهُ وَيَسْتَلِبَهُ فَكَانَ ذَلِكَ وَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ أَنْ يَلْقَاهُ فَارِسٌ فَيَقْتُلَهُ وَيَجْدَعَ أَنْفَهُ فِي اللَّهِ فَكَانَ ذَلِكَ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ سَيْفَهُ يَوْمَئِذٍ انْقَطَعَ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرْجُونًا فَصَارَ فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ سَيْفًا يُقَاتِلُ بِهِ ثُمَّ بِيعَ فِي تَرِكَةِ بَعْضِ وَلَدِهِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ لِعُكَّاشَةَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ بَلْ فِي الْكَفَنِ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا أَرْخَصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لِمَا بِالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْجِرَاحِ الَّتِي يشق معها أن يحفروا الكل واحد واحد وَيُقَدِّمَ فِي اللَّحْدِ أَكْثَرَهُمَا أَخْذًا لِلْقُرْآنِ وَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الْمُتَصَاحِبَيْنِ فِي اللَّحْدِ الْوَاحِدِ كَمَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَالِدِ جَابِرٍ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُتَصَاحِبَيْنِ وَلَمْ يُغَسَّلُوا بَلْ تَرَكَهُمْ بِجِرَاحِهِمْ وَدِمَائِهِمْ كَمَا رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما انصرف عن الْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ إِنَّهُ مَا مِنْ جَرِيحٍ يُجْرَحُ فِي سبيل اللَّهِ إِلَّا وَاللَّهُ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى جُرْحُهُ اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ. قَالَ وَحَدَّثَنِي عَمِّي مُوسَى بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ جَرِيحٍ يُجْرَحُ فِي اللَّهِ إِلَّا وَاللَّهُ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَدْمَى اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ بِالشُّهَدَاءِ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ وَقَالَ ادْفِنُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ بِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَهُمْ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالُوا قَدْ أَصَابَنَا قُرْحٌ وجهد فكيف تأمر فَقَالَ: احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَاجْعَلُوا الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّهُمْ يُقَدَّمُ؟ قَالَ: أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا. ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ فَذَكَرُهُ وَزَادَ وَأَعْمِقُوا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute