للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن رسول الله حين انصرف من أحد مرّ على مصعب بن عمير وهو مقتول على طريقة فوقف عليه فدعا له ثم قرأ ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ﴾. الآية قال «أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة فأتوهم وزوروهم والّذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد الى يوم القيامة إلا ردّوا عليه» وهذا حديث غريب، وروى عن عبيد بن عمير مرسلا.

وروى البيهقي من حديث موسى بن يعقوب عن عباد بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة قال: كان النبي يأتى قبور الشهداء فإذا أتى فرضة الشعب قال «السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار» ثم كان أبو بكر بعد النبي يفعله وكان عمر بعد أبى بكر يفعله وكان عثمان بعد عمر يفعله.

قال الواقدي: كان النبي يزورهم كل حول فإذا بلغ نقرة الشعب يقول «السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار» ثم كان أبو بكر يفعل ذلك كل حول ثم عمر ثم عثمان، وكانت فاطمة بنت رسول الله تأتيهم فتبكى عندهم وتدعو لهم، وكان سعد يسلم ثم يقبل على أصحابه فيقول: ألا تسلمون على قوم يردّون عليكم. ثم حكى زيارتهم عن أبى سعيد وأبى هريرة وعبد الله بن عمر وأم سلمة .

وقال ابن أبى الدنيا حدثني إبراهيم حدثني الحكم بن نافع حدثنا العطاف بن خالد حدثتني خالتي قالت: ركبت يوما الى قبور الشهداء - وكانت لا تزال تأتيهم - فنزلت عند حمزة فصليت ما شاء الله ان أصلى وما في الوادي داع ولا مجيب إلا غلاما قائما آخذا برأس دابتي فلما فرغت من صلاتي قلت هكذا بيدي «السلام عليكم» قالت فسمعت ردّ السلام عليّ يخرج من تحت الأرض أعرفه كما أعرف أن الله ﷿ خلقني وكما أعرف الليل والنهار فاقشعرّت كل شعرة منى.

وقال محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن أبى الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:

قال النبي «لما أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوى الى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا ينكلوا عن الحرب ولا يزهدوا في الجهاد. فقال الله ﷿: أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله في الكتاب قوله تعالى ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.

وروى مسلم والبيهقي من حديث أبى معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرّة عن مسروق قال: سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون. فقال: اما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله فقال «أرواحهم في جوف طير خضر تسرح في ايها شاءت ثم تأوى الى قناديل معلقة بالعرش، قال فبينما هم كذلك إذ اطلع عليهم ربك اطلاعة، فقال: اسألونى ما شئتم. فقالوا يا ربنا وما نسألك ونحن نسرح في الجنة في أيها شئنا،

<<  <  ج: ص:  >  >>