ليس أحد أحب الىّ أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه اللهمّ فأنى أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فان كان بقي من حرب قريش شيء فأبقنى له حتى أجاهدهم فيك وان كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل موتى فيها. فانفجرت من لبته فلم يرعهم وفي المسجد خيمة من بنى غفار الا الدم يسيل اليهم فقالوا يا أهل الخيمة ما هذا الّذي يأتينا من قبلكم فإذا سعد يغذو جرحه دما فمات منها. وهذا رواه مسلم من حديث عبد الله بن نمير به. قلت كان دعا أولا بهذا الدعاء قبل أن يحكم في بنى قريظة ولهذا قال فيه ولا تمتنى حتى تقر عيني من بنى قريظة فاستجاب الله له فلما حكم فيهم وأقر الله عينه أيّ قرار دعا ثانيا بهذا الدعاء فجعلها الله له شهادة ﵁ وأرضاه. وسيأتي ذكر وفاته قريبا ان شاء الله. وقد رواه الامام أحمد من وجه آخر عن عائشة مطولا جدا وفيه فوائد
فقال حدّثنا يزيد أنبأنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص قال أخبرتنى عائشة قالت خرجت يوم الخندق أقفو الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنه، قالت فجلست انى الأرض فمر سعد وعليه درع من حديد قد خرجت منها أطرافه فانا أتخوف على أطراف سعد، قالت وكان سعد من أعظم الناس وأطولهم فمر وهو يرتجز ويقول:
لبّث قليلا يدرك الهيجا جمل … ما أحسن الموت إذا حان الأجل
قالت: فقمت فاقتحمت حديقة فإذا نفر من المسلمين فإذا فيها عمر بن الخطاب وفيهم رجل عليه سبغة له تعنى المغفر فقال عمر: ما جاء بك والله انك لجريئة وما يؤمنك أن يكون بلاء أو يكون تحوّز فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض فتحت ساعتئذ فدخلت فيها فرفع الرجل السبغة عن وجهه فإذا هو طلحة بن عبيد الله فقال: يا عمر ويحك انك قد أكثرت منذ اليوم وأين التحوز أو الفرار الا الى الله ﷿. قالت: ويرمي سعدا رجل من قريش يقال له ابن العرقة وقال خذها وأنا ابن العرقة فأصاب أكحله فقطعه فدعا الله سعد فقال: اللهمّ لا تمتنى حتى تقر عيني من بنى قريظة قالت وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية قالت فرقأ كلمه وبعث الله الريح على المشركين وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا. فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ورجع رسول الله ﷺ الى المدينة وأمر بقبة من أدم فضربت على سعد في المسجد قالت: فجاء جبريل وان على ثناياه لنقع الغبار فقال: أقد وضعت السلاح لا والله ما وضعت الملائكة السلاح بعد، أخرج الى بنى قريظة فقاتلهم. قالت: فلبس رسول الله ﷺ لأمنه وأذّن في الناس بالرحيل أن يخرجوا فمر على بنى غنم، وهم جيران المسجد حوله فقال: من مرّ بكم؟ قالوا: مر بنا دحية الكلبي - وكان دحية الكلبي تشبه لحيته وسنه ووجهه