عليه من كل ناحية قدر أنملة لئلا يسلبها مجموعة يداه الى عنقه بحبل. فلما نظر الى رسول الله ﷺ قال أما والله ما لمت نفسي في عداوتك ولكنه من يخذل الله يخذل. ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس، انه لا بأس بأمر الله، كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بنى إسرائيل. ثم جلس فضربت عنقه، فقال جبل بن جوال الثعلبي:
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه … ولكنه من يخذل الله يخذل
لجاهد حتى أبلغ النفس عذرها … وقلقل يبغى العز كل مقلقل
وذكر ابن إسحاق قصة الزبير بن باطا وكان شيخا كبيرا قد عمى وكان قد منّ يوم بعاث على ثابت بن قيس بن شماس وجز ناصيته فلما كان هذا اليوم أراد أن يكافئه فجاءه فقال: هل تعرفني يا أبا عبد الرحمن؟ قال: وهل يجهل مثلي مثلك فقال له ثابت أريد أن أكافئك فقال: ان الكريم يجزى الكريم فذهب ثابت الى رسول الله ﷺ فاستطلقه فاطلقه له ثم جاءه فأخبره فقال شيخ كبير لا أهل ولا ولد فما يصنع بالحياة فذهب الى رسول الله ﷺ فاستطلق له امرأته وولده فأطلقهم له ثم جاءه فقال أهل بيت بالحجاز لا مال لهم فما بقاؤهم على ذلك؟ فأتى ثابت الى رسول الله ﷺ فاستطلق مال الزبير بن باطا فأطلقه له ثم جاءه فأخبره فقال له يا ثابت ما فعل الّذي كان وجهه مرآة صينية تتراءى فيها عذارى حي كعب بن أسد؟ قال: قتل. قال: فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب؟ قال قتل، قال: فما فعل مقدمتنا إذا شددنا وحاميتنا إذا فررنا: عزال بن شموال؟ قال:
قتل. قال فما فعل المجلسان؟ - يعنى بنى كعب بن قريظة وبنى عمرو بن قريظة - قال: ذهبوا قتلوا، قال فانى أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتنى بالقوم فو الله ما في العيش بعد هؤلاء من خير فما أنا بصابر لله فيلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة، فقدمه ثابت فضربت عنقه، فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله «ألقى الاحبة» قال «يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا» قال ابن إسحاق «فيلة» بالفاء والياء المثناة من أسفل وقال ابن هشام بالقاف والباء الموحدة. وقال ابن هشام: الناضح البعير الّذي يستقى عليه الماء لسقي النخل، وقال أبو عبيدة: معناه افراغة دلو قال ابن إسحاق: وكان رسول الله ﷺ قد أمر بقتل كل من أنبت منهم. فحدثني شعبة بن الحجاج عن عبد الملك بن عمير عن عطية القرظي قال: كان رسول الله ﷺ قد أمر أن يقتل من بنى قريظة كل من أنبت منهم وكنت غلاما فوجدوني لم أنبت فخلوا سبيلي. ورواه أهل السنن الأربعة من حديث عبد الملك بن عمير عن عطية القرظي نحوه. وقد استدل به من ذهب من العلماء الى أن إنبات الشعر الخشن حول الفرج دليل على البلوغ بل هو بلوغ في أصح قولي الشافعيّ. ومن العلماء من يفرق بين صبيان أهل الذمة فيكون بلوغا في حقهم دون غيرهم لان المسلم قد يتأذى بذلك