يكون بين هذين الحيين من الأوس والخزرج شر، ونزل رسول الله ﷺ فدخل عليّ فدعا عليّ بن أبى طالب وأسامة بن زيد فاستشارهما فأما أسامة فأثنى خيرا وقاله ثم قال يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم الا خيرا وهذا الكذب والباطل. وأما على فإنه قال يا رسول الله ان النساء لكثير وانك لقادر على أن تستخلف وسل الجارية فإنها ستصدقك. فدعا رسول الله ﷺ بريرة يسألها قالت فقام اليها عليّ فضربها ضربا شديدا ويقول: أصدقى رسول الله ﷺ. قالت فتقول والله ما أعلم الاخيرا وما كنت أعيب على عائشة شيئا الا انى كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه فتنام عنه فتأتى الشاة فتأكله. قالت ثم دخل عليّ رسول الله ﷺ وعندي أبواي وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكى وهي تبكى فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا عائشة انه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتقى الله وان كنت قد قارفت سوءا مما يقول الناس فتوبي الى الله فان الله يقبل التوبة عن عباده. قالت فو الله ان هو الا أن قال لي ذلك فقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئا وانتظرت أبويّ أن يجيبا عنى رسول الله ﷺ فلم يتكلما. قالت وأيم الله لأنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأنا من أن ينزل الله فىّ قرآنا يقرأ به ويصلى به، ولكنى كنت أرجو أن يرى النبي ﷺ في نومه شيئا يكذّب الله به عنى لما يعلم من براءتي ويخبر خبرا وأما قرآنا ينزل فىّ فو الله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك قالت فلما لم أر أبويّ يتكلمان قلت لهما ألا تجيبان رسول الله ﷺ؟ فقالا والله ما ندري بما نجيبه. قالت والله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبى بكر في تلك الأيام قالت فلما استعجما عليّ استعبرت فبكيت ثم قلت والله لا أتوب الى الله مما ذكرت أبدا والله انى لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس والله يعلم انى منه بريئة لأقولن ما لم يكن ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني قالت ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره فقلت ولكن سأقول كما قال أبو يوسف ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ﴾ قالت فو الله ما برح رسول الله ﷺ مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه فسجى بثوبه ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت فو الله ما فزعت وما باليت قد عرفت انى بريئة وان الله غير ظالمي وأما أبواي فو الّذي نفس عائشة بيده ما سرّى عن رسول الله ﷺ حتّى ظننت لتحرجن أنفسهما فرقا من أن يأتى من الله تحقيق ما قال الناس. قالت ثم سرّى عن رسول الله ﷺ فجلس وانه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات فجعل يمسح العرق عن وجهه ويقول: أبشرى يا عائشة قد أنزل الله ﷿ براءتك. قالت قلت الحمد لله. ثم خرج الى الناس فحطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله ﷿ من القرآن في ذلك ثم أمر بمسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدّهم