للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن بحمد الله إلا ما أحببنا، فتح الله خيبر على رسوله وجرت فيها سهام الله واصطفى رسول الله صفية لنفسه، فان كانت لك حاجة في زوجك فالحقى به. قالت: أظنك والله صادقا؟ قال فانى صادق والأمر على ما أخبرتك، ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش وهم يقولون إذا مر بهم: لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل، قال لم يصبني إلا خير بحمد لله، أخبرنى الحجاج بن علاط أن خيبر فتحها الله على رسوله وجرت فيها سهام الله واصطفى صفية لنفسه، وقد سألني أن أخفى عنه ثلاثا، وإنما جاء ليأخذ ماله وما كان له من شيء هاهنا ثم يذهب، قال فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين، وخرج المسلمون من كان دخل بيته مكتئبا حتى أتى العباس فأخبرهم الخبر، فسر المسلمون وردّ ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين. وهذا الاسناد على شرط الشيخين ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة سوى النسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق به نحوه. ورواه الحافظ البيهقي من طريق محمود بن غيلان عن عبد الرزاق. ورواه أيضا من طريق يعقوب بن سفيان عن زيد بن المبارك عن محمد بن ثور عن معمر به نحوه. وكذلك ذكر موسى بن عقبة في مغازيه أن قريشا كان بينهم تراهن عظيم وتبايع، منهم من يقول يظهر محمد وأصحابه، ومنهم من يقول يظهر الحليفان ويهود خيبر، وكان الحجاج بن علاط السلمي ثم البهزي قد أسلم وشهد مع رسول الله فتح خيبر، وكان تحته أم شيبة أخت عبد الدار بن قصي، وكان الحجاج مكثرا من المال، وكانت له معادن أرض بنى سليم، فلما ظهر رسول الله على خيبر استأذن الحجاج رسول الله في الذهاب الى مكة يجمع أمواله فأذن له نحو ما تقدم والله أعلم.

قال ابن إسحاق: ومما قيل من الشعر في غزوة خيبر قول حسان:

بئس ما قاتلت خيابر عمّا … جمعوا من مزارع ونخيل

كرهوا الموت فاستبيح حماهم … وأقروا فعل الذميم الذليل

أمن الموت يهربون فان الموت … موت الهزال غير جميل

وقال كعب بن مالك فيما ذكره ابن هشام عن أبى زيد الأنصاري:

ونحن وردنا خيبرا وفروضه … بكل فتى عاري الأشاجع مزود

جواد لدى الغايات لا واهن القوى … جريء على الأعداء في كل مشهد

عظيم رماد القدر في كل شتوة … ضروب بنصل المشرفيّ المهند

يرى القتل مدحا إن أصاب شهادة … من الله يرجوها وفوزا بأحمد

يذود ويحمى عن ذمار محمد … ويدفع عنه باللسان وباليد

وينصره من كل أمر يريبه … يجود بنفس دون نفس محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>