للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله في سرية، فلما لقينا العدو انهزمنا في أول غادية، فقدمنا المدينة في نفر ليلا فاختفينا ثم قلنا لو خرجنا الى رسول الله واعتذرنا اليه، فخرجنا اليه ثم التقيناه قلنا نحن الفرارون يا رسول الله قال «بل أنتم العكارون وانا فئتكم» قال الأسود «وانا فئة كل مسلم» وقال ابن إسحاق:

حدثني عبد الله بن أبى بكر بن عمرو بن حزم عن عامر بن عبد الله بن الزبير أن أم سلمة زوج النبي قالت لامرأة سلمة بن هشام بن المغيرة: ما لي لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول الله ومع المسلمين؟ قالت ما يستطيع أن يخرج كلما خرج صاح به الناس يا فرار فررتم في سبيل الله، حتى قعد في بيته ما يخرج وكان في غزاة مؤتة.

قلت: لعل طائفة منهم فروا لما عاينوا كثرة جموع العدو على ما ذكروه مائتي ألف، ومثل هذا يسوغ الفرار على ما قد تقرر، فلما فر هؤلاء ثبت باقيهم وفتح الله عليهم وتخلصوا من أيدي أولئك وقتلوا منهم مقتلة عظيمة كما ذكره الواقدي وموسى بن عقبة من قبله، ويؤيد ذلك ويشاكله بالصحة ما

رواه الامام احمد حدثنا الوليد بن مسلم حدثني صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي قال: خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة من المسلمين في غزوة مؤتة، ومدوى من اليمن ليس معه غير سيفه فنحر رجل من المسلمين جزورا فسأله المدوى طابقة من جلده فأعطاه إياه فاتخذه كهيئة الدرقة، ومضينا فلقينا جموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغزى بالمسلمين، وقعد له المدوى خلف صخرة فمر به الرومي فعرقبه فخر وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله للمسلمين بعث اليه خالد بن الوليد يأخذ من السلب، قال عوف فأتيته فقلت يا خالد اما علمت ان رسول الله قضى بالسلب للقاتل؟ قال بلى ولكنى استكثر به، فقلت به؟ فقلت لتردنه اليه أو لأعرفنكها عند رسول الله ، فأبى أن يرد عليه. قال عوف فاجتمعنا عند رسول الله فقصصت عليه قصة المدوى وما فعل خالد فقال رسول الله «يا خالد رد عليه ما أخذت منه» قال عوف فقلت دونك يا خالد ألم أف لك؟ فقال رسول الله وما ذاك فأخبرته فغضب رسول الله وقال «يا خالد لا ترد عليه هل أنتم تاركوا أمرائى لكم صفوة أمرهم وعليهم كدرة» قال الوليد سألت ثورا عن هذا الحديث فحدثني عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عوف بنحوه. ورواه مسلم وأبو داود من حديث جبير بن نفير عن عوف بن مالك به نحوه وهذا يقتضي انهم غنموا منهم وسلبوا من أشرافهم وقتلوا من أمرائهم، وقد تقدم فيما رواه البخاري أن خالدا قال اندقت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف وما ثبت في يدي إلا صفحة يمانية، وهذا يقتضي انهم اثخنوا فيهم قتلا ولو لم يكن كذلك لما قدروا على التخلص منهم، وهذا وحده دليل مستقل والله أعلم. وهذا هو

<<  <  ج: ص:  >  >>