للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور * وأما قوله تعالى ﴿وَاُذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ فالظاهر أن عادا هذه هي عاد الأولى فان سياقها شبيه بسياق قوم هود وهم الأولى. ويحتمل أن يكون المذكورون في هذه القصة هم عاد الثانية. ويدل عليه ما ذكرنا وما سيأتي من الحديث عن عائشة * وأما قوله ﴿فَلَمّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا﴾ فان عادا لما رأوا هذا العارض وهو الناشئ في الجو كالسحاب ظنوه سحاب مطر فإذا هو سحاب عذاب اعتقدوه رحمة فإذا هو نقمة رجوا فيه الخير فنالوا منه غاية الشر قال الله تعالى ﴿بَلْ هُوَ مَا اِسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ﴾ أي من العذاب ثم فسره بقوله ﴿رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ يحتمل أن ذلك العذاب هو ما أصابهم من الريح الصرصر العاتية الباردة الشديدة الهبوب التي استمرت عليهم سبع ليال بأيامها الثمانية فلم تبق منهم أحدا بل تتبعتهم حتى كانت تدخل عليهم كهوف الجبال والغيران فتلفهم وتخرجهم وتهلكهم وتدمر عليهم البيوت المحكمة والقصور المشيدة فكما منوا بقوتهم وشدتهم وقالوا من أشد منا قوة سلط الله عليهم ما هو أشد منهم قوة وأقدر عليهم وهو الريح العقيم * ويحتمل أن هذه الريح أثارت في آخر الأمر سحابة ظن من بقي منهم أنها سحابة فيها رحمة بهم وغياث لمن بقي منهم فأرسلها الله عليهم شررا ونارا كما ذكره غير واحد ويكون هذا كما أصاب أصحاب الظلة من أهل مدين وجمع لهم بين الريح الباردة وعذاب النار وهو أشد ما يكون من العذاب بالأشياء المختلفة المتضادة مع الصيحة التي ذكرها في سورة قد أفلح المؤمنون والله أعلم * وقد

قال ابن أبى حاتم حدثنا أبى حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس حدثنا ابن فضل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا بها الا مثل موضع الخاتم فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها ﴿قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا﴾ فالقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة. وقد

رواه الطبراني عن عبدان بن أحمد عن إسماعيل بن زكريا الكوفي عن أبى مالك عن مسلم الملائى عن مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله ما فتح الله على عاد من الريح إلا مثل موضع الخاتم. ثم أرسلت عليهم البدو الى الحضر فلما رآها أهل الحضر ﴿قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا﴾ مستقبل أوديتنا وكان أهل البوادي فيها فالقى أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا قال عتت على خزائنها حتى خرجت من خلال الأبواب. قلت وقال غيره خرجت بغير حساب * والمقصود أن هذا الحديث في رفعه نظر. ثم اختلف فيه على مسلم الملائى وفيه نوع اضطراب والله أعلم * وظاهر الآية أنهم رأوا عارضا والمفهوم منه لمعة السحاب كما دل عليه حديث الحارث بن حسان البكري ان جعلناه مفسرا لهذه القصة. وأصرح منه في ذلك ما

رواه مسلم في صحيحه حيث قال

<<  <  ج: ص:  >  >>