قام على باب الكعبة فقال:«لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو موضوع تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها، يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب» ثم تلا هذه الآية ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى﴾ الآية كلها ثم قال «يا معشر قريش ما ترون أنى فاعل فيكم؟» قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم، قال «اذهبوا فأنتم الطلقاء» ثم جلس رسول الله ﷺ في المسجد، فقام اليه على بن أبى طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال: يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلّى الله عليك؟ فقال رسول الله ﷺ«أين عثمان بن طلحة؟» فدعى له فقال «هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء».
وقال الامام أحمد حدثنا سفيان عن ابن جدعان عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ يوم فتح مكة وهو على درج الكعبة:«الحمد لله الّذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ألا إن قتيل العمد الخطأ بالسوط أو العصا فيه مائة من الإبل» وقال مرة أخرى «مغلظة فيها أربعون خلفة في بطونها أولادها، ألا إن كل مأثرة كانت في الجاهلية ودم ودعوى» وقال مرة «ومال تحت قدمي هاتين إلا ما كان من سقاية الحاج وسدانة البيت فإنهما أمضيتهما لأهلهما على ما كانت». وهكذا رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث على بن زيد بن جدعان عن القاسم بن ربيعة بن جوشن الغطفانيّ عن ابن عمر به.
قال ابن هشام: وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله ﷺ دخل البيت يوم الفتح فرأى فيه صور الملائكة وغيرهم، ورأى إبراهيم مصورا في يده الأزلام يستقسم بها فقال «قاتلهم الله جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام ما شأن إبراهيم والأزلام؟ (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين) ثم أمر بتلك الصور كلها فطمست. وقال الامام أحمد حدثنا سليمان أنبأ عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن أبى الزبير عن جابر قال: كان في الكعبة صور فأمر رسول الله ﷺ أن يمحوها فبل عمر ثوبا ومحاها به. فدخلها رسول الله ﷺ وما فيها منها شيء.
وقال البخاري حدثنا صدقة بن الفضل ثنا ابن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن أبى معمر عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال: دخل رسول الله ﷺ مكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول «جاء الحق وزهق الباطل، جاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد». وقد رواه مسلم من حديث ابن عيينة. وروى البيهقي عن ابن إسحاق عن عبد الله بن أبى بكر عن على بن عبد الله ابن عباس عن أبيه قال: دخل رسول الله ﷺ يوم الفتح مكة وعلى الكعبة ثلاثمائة صنم فأخذ