للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما التقينا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فضربته من ورائه على حبل عاتقه بالسيف فقطعت الدرع وأقبل على فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلنى فلحقت عمر، فقلت ما بال الناس؟ فقال أمر الله، ورجعوا وجلس رسول الله فقال «من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه» فقمت فقلت من يشهد لي، ثم جلست فقال رسول الله مثله، فقلت من يشهد لي، ثم جلست فقال رسول الله مثله، فقلت من يشهد لي ثم جلست، ثم قال رسول الله مثله فقمت فقال «مالك يأبا قتادة؟» فأخبرته فقال رجل:

صدق سلبه عندي فأرضه منى، فقال أبو بكر: لاها الله إذا تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه؟! فقال النبي «صدق فأعطه» فأعطانيه فابتعت به مخرافا في بنى سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام. ورواه بقية الجماعة الا النسائي من حديث يحيى بن سعيد به.

قال البخاري وقال الليث بن سعد حدثني يحيى بن سعيد عن عمرو بن كثير بن أفلح عن أبى محمد مولى أبى قتادة أن أبا قتادة قال: لما كان يوم حنين نظرت إلي رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله، فأسرعت إلى الّذي يختله فرفع يده ليضربني فأضرب يده فقطعتها، ثم أخذنى فضمني ضما شديدا حتى تخوفت ثم ترك فتحلل فدفعته ثم قتلته، وانهزم المسلمون فانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس فقلت له ما شأن الناس؟ قال أمر الله، ثم تراجع الناس إلى رسول الله فقال رسول الله «من أقام بينة على قتيل فله سلبه» فقمت لألتمس بينة على قتيلى فلم أر أحدا يشهد لي فجلست، ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله فقال رجل من جلسائه: سلاح هذا القتيل الّذي يذكر عندي فأرضه منى. فقال أبو بكر: كلا لا يعطيه أضيبع من قريش ويدع أسدا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله. قال فقام رسول الله فأداه إلى فاشتريت به مخرافا فكان أول مال تأثلته. وقد رواه البخاري في مواضع أخر ومسلم كلاهما عن قتيبة عن الليث بن سعد به، وقد تقدم من رواية نافع أبى غالب عن أنس أن القائل لذلك عمر بن الخطاب فلعله قاله متابعة لأبي بكر الصديق ومساعدة وموافقة له، أو قد اشتبه على الراويّ والله أعلم.

وقال الحافظ البيهقي أنبأ الحاكم انبأ الأصم انبأ احمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني عاصم بن عمر عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله أن رسول الله قال يوم حنين حين رأى من الناس ما رأى «يا عباس ناد يا معشر الأنصار يا أصحاب الشجرة» فأجابوه لبيك لبيك، فجعل الرجل يذهب ليعطف بعيره فلا يقدر على ذلك فيقذف درعه عن عنقه ويأخذ سيفه وترسه ثم يؤم الصوت حتى اجتمع الى رسول الله منهم مائة، فاستعرض الناس فاقتلوا وكانت الدعوة أول ما كانت للأنصار، ثم جعلت آخرا للخزرج وكانوا صبرا عند الحرب، وأشرف رسول الله في ركائبه

<<  <  ج: ص:  >  >>