ﷺ لأقتله فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي فلم أطق ذاك وعلمت أنه ممنوع منى. وقال محمد بن إسحاق: وحدثني والدي إسحاق بن يسار عمن حدثه عن جبير بن مطعم قال: إنا لمع رسول الله ﷺ يوم حنين والناس يقتتلون إذا نظرت إلى مثل البجاد الأسود يهوى من السماء حتى وقع بيننا وبين القوم فإذا نمل منثور قد ملأ الوادي فلم يكن الا هزيمة القوم، فما كنا نشك أنها الملائكة.
ورواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق به. وزاد فقال خديج بن العوجا النصري - يعنى في ذلك -:
ولما دنونا من حنين ومائه … رأينا سوادا منكر اللون أخصفا
بملمومة شهباء لو قذفوا بها … شماريخ من عروى إذا عاد صفصفا
ولو أن قومي طاوعتنى سراتهم … إذا ما لقينا العارض المتكشفا
إذا ما لقينا جند آل محمد … ثمانين ألفا واستمدوا بخندفا
وقد ذكر ابن إسحاق من شعر مالك بن عوف النصري رئيس هوازن يوم القتال وهو في حومة الوغا يرتجز ويقول:
أقدم مجاج إنه يوم نكر … مثلي على مثلك يحمى ويكر
إذا أضيع الصف يوما والدبر … ثم احزألت زمر بعد زمر
كتائب يكل فيهنّ البصر … قد أطعن الطعنة تقذى بالسبر
حين يذم المستكن المنحجر … وأطعن النجلاء تعوى وتهر
لها من الجوف رشاش منهمر … تفهق تارات وحينا تنفجر
وثعلب العامل فيها منكسر … يا زين يا ابن همّهم أين تفر
قد أنفذ الضرس وقد طال العمر … قد علم البيض الطويلات الخمر
أنى في أمثالها غير غمر … إذ تخرج الحاضن من تحت الستر
وذكر البيهقي من طريق يونس بن بكير عن أبى إسحاق أنه أنشد من شعر مالك أيضا حين ولى أصحابه منهزمين وذلك قوله بعد ما أسلم وقيل هي لغيره:
أذكر مسيرهم والناس كلهم … ومالك فوقه الرايات تختفق
ومالك مالك ما فوقه أحد … يوم حنين عليه التاج يأتلق
حتى لقوا الناس حين البأس يقدمهم … عليهم البيض والأبدان والدرق
فضاربوا الناس حتى لم يروا أحدا … حول النبي وحتى جنّه الغسق
حتى تنزل جبريل بنصرهم … فالقوم منهزم منا ومعتلق