للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَعْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَهْدِ الشَّبَابِ فَقَدْ ... وَلَّى الشَّبَابُ وَزَارَ الشَّيْبُ وَالزَّعَرُ

وَاذْكُرْ بَلَاءَ سُلَيْمٍ فِي مَوَاطِنِهَا ... وَفِي سُلَيْمٍ لِأَهْلِ الِفَخْرِ مفتخر

قوم هموا نَصَرُوا الرَّحْمَنَ وَاتَّبَعُوا ... دِينَ الرَّسُولِ وَأَمْرُ النَّاسِ مُشْتَجَرُ

لَا يَغْرِسُونَ فَسِيلَ النَّخْلِ وَسْطَهُمُ ... وَلَا تَخَاوَرُ فِي مَشْتَاهُمُ الْبَقَرُ

إِلَّا سَوَابِحَ كَالْعِقْبَانِ مغرية ... فِي دَارَةٍ حَوْلَهَا الْأَخْطَارُ وَالْعَكَرُ

تُدْعَى خُفَافٌ وَعَوْفٌ فِي جَوَانِبِهَا ... وَحَيُّ ذَكْوَانَ لَا مَيْلٌ وَلَا ضُجُرُ

الضَّارِبُونَ جُنُودَ الشِّرْكِ ضَاحِيَةً ... بِبَطْنِ مكة والأرواح تبتدر

حتى رفعنا وَقَتْلَاهُمْ كَأَنَّهُمُ ... نَخْلٌ بِظَاهِرَةِ الْبَطْحَاءِ مُنْقَعِرُ

وَنَحْنُ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَانَ مَشْهَدُنَا ... لِلدِّينِ عِزًّا وَعِنْدَ اللَّهِ مُدَّخَرُ

إِذْ نَرْكَبُ الْمَوْتَ مُخْضَرًّا بَطَائِنُهُ ... وَالْخَيْلُ يَنْجَابُ عَنْهَا سَاطِعٌ كَدِرُ

تَحْتَ اللِّوَاءِ مَعَ الضَّحَّاكِ يَقْدُمُنَا ... كَمَا مَشَى اللَّيْثُ فِي غَابَاتِهِ الْخَدِرُ

فِي مَأْزَقٍ مِنْ مَجَرِّ الْحَرْبِ كَلْكَلُهَا ... تَكَادُ تَأْفُلُ مِنْهُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ

وَقَدْ صَبَرْنَا بِأَوْطَاسٍ أَسِنَّتَنَا ... للَّه نَنْصُرُ مَنْ شِئْنَا وَنَنْتَصِرُ

حَتَّى تَأَوَّبَ أَقْوَامٌ مَنَازِلَهُمْ ... لَوْلَا الْمَلِيكُ وَلَوْلَا نَحْنُ مَا صَدَرُوا

فَمَا تَرَى مَعْشَرًا قلوا ولا كثروا ... إلا وقد أَصْبَحَ مِنَّا فِيهِمُ أَثَرُ

وَقَالَ عَبَّاسٌ أَيْضًا رضى الله عنه:

يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الَّذِي تَهْوِي بِهِ ... وَجْنَاءُ مُجْمَرَةُ الْمَنَاسِمِ عِرْمِسُ

إِمَّا أَتَيْتَ عَلَى النَّبِيِّ فَقُلْ لَهُ ... حَقًّا عَلَيْكَ إِذَا اطْمَأَنَّ الْمَجْلِسُ

يَا خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطِيَّ وَمَنْ مَشَى ... فَوْقَ التُّرَابِ إِذَا تُعَدُّ الْأَنْفُسُ

إِنَّا وَفَيْنَا بِالَّذِي عَاهَدْتَنَا ... وَالْخَيْلُ تُقْدَعُ بِالْكُمَاةِ وَتُضْرَسُ

إِذْ سَالَ مِنْ أَفْنَاءِ بُهْثَةَ كُلِّهَا ... جَمْعٌ تَظَلُّ بِهِ الْمَخَارِمُ تَرْجُسُ

حَتَّى صَبَحْنَا أَهْلَ مَكَّةَ فَيْلَقًا ... شَهْبَاءَ يَقْدُمُهَا الْهُمَامُ الْأَشْوَسُ

مِنْ كُلِّ أَغْلَبَ مِنْ سُلَيْمٍ فَوْقَهُ ... بَيْضَاءُ مُحْكَمَةُ الدِّخَالِ وَقَوْنَسُ

يَرْوِي الْقَنَاةَ إِذَا تَجَاسَرَ فِي الْوَغَى ... وَتَخَالُهُ أَسَدًا إِذَا مَا يَعْبِسُ

يَغْشَى الْكَتِيبَةَ مُعْلِمًا وَبِكَفِّهِ ... عَضْبٌ يَقُدُّ بِهِ وَلَدْنٌ مِدْعَسُ

وَعَلَى حُنَيْنٍ قَدْ وَفَى مِنْ جَمْعِنَا ... أَلْفٌ أُمِدَّ بِهِ الرَّسُولُ عَرَنْدَسُ

كَانُوا أَمَامَ الْمُؤْمِنِينَ دَرِيئَةً ... وَالشَّمْسُ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهِمْ أَشْمَسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>