للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذر فاستهل ابن مسعود يبكى وقال: صدق رسول الله يرحم الله أبا ذر يمشى وحده ويموت وحده ويبعث وحده، فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه. إسناده حسن ولم يخرجوه قال الامام احمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر أخبرنا عبد الله بن محمد بن عقيل في قوله (الذين اتبعوه في ساعة العسرة).

قال خرجوا في غزوة تبوك الرجلان والثلاثة على بعير واحد وخرجوا في حر شديد فأصابهم في يوم عطش حتى جعلوا ينحرون إبلهم لينفضوا أكراشها ويشربوا ماءها فكان ذلك عسرة في الماء وعسرة في النفقة وعسرة في الظهر، قال عبد الله بن وهب أخبرنى عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبى هلال عن عتبة بن أبى عتبة عن نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قيل لعمر بن الخطاب حدثنا عن شأن ساعة العسرة فقال عمر: خرجنا الى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا وأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع حتى أن كان أحدنا ليذهب فيلتمس الرحل فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع حتى أن الرجل لينحر بعيره فيعتصر فرثه فيشربه ثم يجعل ما بقي على كبده

فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله إن الله قد عودك في الدعاء خيرا فادع الله لنا فقال «أو تحب ذلك؟» قال نعم! قال فرفع يديه نحو السماء فلم يرجعهما حتى قالت (١) السماء فاطلت ثم سكبت فملئوا ما معهم ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر، اسناده جيد ولم يخرجوه من هذا الوجه. وقد ذكر ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه أن هذه القصة كانت وهم بالحجر وأنهم قالوا لرجل معهم منافق ويحك هل بعد هذا من شيء؟! فقال سحابة مارة، وذكر أن ناقة رسول الله ضلت فذهبوا في طلبها

فقال رسول الله لعمارة بن حزم الأنصاري - وكان عنده - «إن رجلا قال هذا محمد يخبركم أنه نبي ويخبركم خبر السماء وهو لا يدرى أين ناقته، وإني والله لا أعلم الا ما علمني الله وقد دلني الله عليها هي في الوادي قد حبستها شجرة بزمامها» فانطلقوا فجاءوا بها فرجع عمارة الى رحله فحدثهم عما جاء رسول الله من خبر الرجل فقال رجل ممن كان في رحل عمارة انما قال ذلك زيد بن اللصيت (٢) وكان في رحل عمارة قبل أن يأتى فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه ويقول إن في رحلي لداهية وأنا لا أدرى، أخرج عنى يا عدو الله فلا تصحبنى. فقال بعض الناس إن زيدا تاب، وقال بعضهم لم يزل متهما بشر (٣) حتى هلك.

قال الحافظ البيهقي: وقد روينا من حديث ابن مسعود شبيها بقصة الراحلة ثم روى من حديث الأعمش وقد رواه الامام احمد عن أبى معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة أو عن أبى


(١) قالت بمعنى استعدت وتهيأت. عن القاموس.
(٢) كذا في الأصلين وفي التيمورية: الصلت، وفي الاصابة لصيب وقيل نصيب، وفي ابن هشام: اللصيت وقيل لصيب ومثله في ابن جرير بالباء.
(٣) كذا في الحلبية، وفي المصرية لم يزل مصرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>